تلك هي الحياة التي وصفها الله في كتابه الكريم لعب ولهو وزينة وتفاخر بالأموال والأولاد، وهذا هو الإنسان الذي خلقه الله لعمارة الأرض والاستمرارية فيها بجمالها ومتناقضاتها وأحوالها وأهوالها، فرحها وألمها أليس هو القائل في كتابه الكريم: (لقد خلقنا الإنسان في كبد) ثم تقف عقارب الساعة الإلهية لتعلن عن الرحيل الأبدّي، إنه عُمر زمنّي يقضيه الإنسان في تلك الحياة الفانية يقرّره القدر الإلهي ما بين الميلاد والرحيل إلى عالم الغيب، لا مفر منه ولو كنا في بروج مشيدة، يلامس الجميع بمختلف الأعمار والأجناس ومختلف الأحوال أصحاء ومرضى، وملك ومملوك، كم من أناس كانوا معنا بالأمس اليوم تحت الثرى تلاحقنا أنفاسهم وضحكاتهم وابتسامتهم وذكراهم الطيبة وخطواتهم في التواصل، ونسرد حديثهم كرواية نقلب صفحاتها للاطمئنان والتذكير، نسترجعها في ذاكرتنا، نتداولها بين بعضنا لنستشعر بوجودهم معنا لكنه القدر الإلهي، فجأة يأتي ينتزع الأم من أبنائها والأخ من أخيه والابن من والديه، نتألم، نبكي، نتذكر، نسترجع، تدمع عيوننا وتدمى قلوبنا، ثم نلملم جراحنا، ونجفف دمعنا وتستمر الحياة، حين ندرك ونؤمن أنه القدر الذي يكتب مع بكاء الجنين حين يخرج من رحم أمه، ولكن من يعتبر؟! ومن يتعظ؟ ساعات ولحظات من الحزن والدمع ثم تعود حليمة لعادتها القديمة، نزاعات ومقاطعة وظلم وكذب ونفاق وممارسة المحرمات وغيرها من السلوكيات التي تقع في واقعنا ونتعايش معها.
ننصب أنفسنا في الحديث عن الموت والاحتضار وحسن الخاتمة وأهوال العقاب والجنة والنار، ولكننا لا نعتبر! نعيش المتناقضات بين ما ندركه ونتحدث به وبين واقعنا السلوكي والأخلاقي.. وندرك أن لحظات الموت مؤلمة، والفراق أشدّ ألماً خاصة مع من تربطنا بهم علاقة حب واحترام وتواصل وقرابة وصداقة ولكن نعزي أنفسنا حين نؤمن بأننا جميعا راحلون، وما هذه الدنيا الا ممر عبور لحياة أبدّية مطمئنة، وحلم دنيوي نخرج منه إلى واقع أزليّ فتتبدد الأحلام، وحين يرحل الإنسان بابتسامة ترسم على شفتيه عند خروج الروح من جسده بسلاسة انسيابية وطمأنينة تشعرنا بالاطمئنان، وكما قال الشاعر:
ليست حياة المرء في الدنيا سوى
حلم يجر وراءه أحلام
وكما قال آخر:
أرى الدنيا كخان في خليل.
يمر عليه أبناء السبيل
فركب فيه نازل مقيم
وركب قد أعدّ للرحيل
…. فالعمر الإنساني يمضي سريعا، بتسارع الحياة والتقاء الليل بالنهار، كما تتسارع الأمراض والأوبئة وتمتد الحروب وتقع الكوارث الإلهية، أفراد وجماعات وأسر وسكان يرحلون كلمح البصر والقبور تتوسع بسكانها لمرحلة غيبية أبدية، فهل يكون الموت لنا واعظاً، ألسنا نسمع عن هذا المرض السرطانيّ الذي انتشر في السنوات الأخيرة على مستوى العالم أعجز الأطباء عن معرفة أسبابه بالرغم من التقدم الطبي والعلاجي، والذي يتمكن في الجسد الانساني يلتهم أجزاءه ليصل الى مراحله الأخيرة بموت بطيء يعيشه المريض.
ربما أيام وربما سنوات ربما يصحو وربما يرحل، لكن ما بين الشفاء منه والعودة لطبيعة الحياة بقدر الله
ثم العلاج المخصص يعيش المريض الأمل في مركز الأمل «المركز الوطني لعلاج وأبحاث السرطان» الذي تأسس لاستقبال هذه الحالات بأفضل الرعاية والإمكانيات العلاجية والتنظيمية والخدمات الدقيقة لراحة المريض، وأحدث التقنيات والمنهجيات المتبعة للعلاج على مستوى العالم،، بالأمس كانت معنا واليوم في العالم الأبدي بعد صراع مع المرض رحم الله فقيدتنا الغالية وغفر لها ورحم الله أرواحًا سبقتها بالابتلاء بهذا المرض بالشفاعة والرحمة والتبوؤ بمنزلة الشهداء، وينزل شفاءه على المرضى بهذا الداء وخفف عنهم ثقله ووجعه.