الجمعة الثامن عشر من ديسمبر، كان الاحتفال السنوي باليوم الوطني للدولة، تخليدًا لذكرى تأسيس دولة قطر على يد المؤسس، الشيخ جاسم بن محمد، رحمه الله، الذي يعبر شعاره عن ايمان الأجيال المتعاقبة من الشباب، بأن طريق المعالي شاق يدرك بسلاحي العلم والأخلاق.
استعدادات كثيرة ومتنوعة لاستقبال هذا اليوم على المستوى الوطني والفردي والأسري، المواطن والمقيم، الصغار والكبار.
فرحة جميلة واحدة عمت الجميع لتنتشل الفكر والقلب الانساني من شوائب ما علق فيهما من مناقصات الحياة، فهناك وباء عالمي يلتهم الانسان، لا يعرف له مصدر ولا دواء، هناك سياسة خليجية وإقليمية ودولية متشابكة، تحركها المصالح تعيش عصر الغاب، فالبقاء للأقوى.
هناك شباب وفتيات تائهون بفكرهم في غياهب المدنية المعاصرة بسلبياتها وايجابياتها ومجالاتها المتعددة، هناك قلق من مستقبل مجهول لا يعرف كنهه إلا الله، هناك أسر فقدت أحضانها من الدفء والمودة والمسؤولية والتماسك بين أركانها والضحية هم الأبناء.
إذن! ألا يحق لنا الفرح والبحث عن ومضة نور يتسلل منهما القلب والفكر من التبعات والآلام والأحزان المثقلة الجاثمة، إنها مناسبة وطنية يحق للجميع الاحتفال بها بالأغاني والأهازيج والأشعار والتباريك، إنها فرحة وطن وأمير وشعب، دفعت الجميع للخروج للشوارع والحدائق والمجمعات والمنتجعات للاحتفال باليوم الوطني باختلاف التعابير تضامنًا وحبًا وانتماءً وطاعة وولاءً وتلاحمًا.
ما قدمته قطر من انجازات ومشاريع اقتصادية وعمرانية وتعليمية وطبية ورياضية وغيرها يعجز عن سرده القلم، وتستحق أن نقدم لها الشكر والولاء، في طوق سياسي عاصف طوقت به قطر على مدى أربع سنوات، من الصبر والمواجهة الاعلامية والتهديد والتحمل تنوء من حمله الجبال، قابلها انجازات متتالية في كل المجالات، وسواعد قوية تفكر وتعمل وتنجز، لم تعرف اليأس والاستسلام وتجاوز السيادة، انما عرفت أن الوطن هو الأمان والاستقرار والثبات والدم الذي يجري في العروق، هو أرض الأجداد والآباء والمعاناة والصبر والتحمل وشظف العيش، أرض الموروثات الجميلة التي نلمس رائحتها اليوم في الواقع ونتغنى بجمالها في كل مناسبة، نحتفل بلا جدل، ونفرح بلا كلل، ولكن! أليس من واجبنا تجسيد مثل هذا التفاعل الوطني في واقعنا العملي والسلوكي والأخلاقي والوظيفي، الذي نحن بحاجة اليه في ظل المتغيرات المعاصرة التي طرأت على محيطنا وعلى فكر أبنائنا؟.
الوطن بحاجة الى ضمائر حية، وسلوك قويم، وأخلاق راقية، لاكتمال عقد البناء الوطني المجتمعي الانساني، في اطار التسامح والأمانة والصدق، بحاجة إلى من ينكر المنكرات، ويأخذ بيد الفاسد للوطن بالنصح والإرشاد والكلمة الطيبة، وإلى أسوار صلبة تقف في وجه الرياح القادمة من مشارق الأرض ومغاربها بثقافاتها وعاداتها ومعتقداتها ومناهجها التعليمية بالرفض والاستنكار لما لا يتوافق مع قيمنا الدينية وموروثاتنا الوطنية.
انطوت صفحة الاحتفال باليوم الوطني بفرحة عاشها الجميع باختلاف الكيفية والتنوع والاجناس والجنسيات، وها هي قطر ستستقبل على أرضها دورة الألعاب الآسيوية 2030، وحازت ثقة القارة الآسيوية، والتي تم الاعلان عنها في سلطنة عمان، لتلتقي الفرحتان في وقت واحد وزمن واحد وفرحة واحدة، وها هي الدولة تسارع الخطى لاستقبال بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، وستضم على أرضها شعوبًا من مختلف دول العالم بكل مفاهيمها، وسيكون المواطن في المواجهة لإبراز الجانب الأخلاقي والسلوكي والحضاري للدولة، إيمانًا بأن طموح الانسان القطري سقفه عال، فلا بد أن نكون بقدر الطموح للحفاظ على هذه المكتسبات التي تحققت بفضل الله، ثم بفضل رؤية القيادة الحكيمة وسواعد الشباب القطري، من خلال ابراز النواحي الأخلاقية الجمالية بكل معانيها للانسان القطري أمام العالم، يتخللها حب الوطن والولاء له من أجل الرقي بالوطن الى مصاف الدول المتقدمة، وارساء السفينة الوطنية نحو بر الأمان.
ومن هنا يأتي الاحتفال بمناسبة اليوم الوطني تكريسًا لما تحقق من انجازات وما سوف يتحقق، وعليه نبارك لسمو الأمير، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، هذه المناسبة وللشعب القطري أجمع، وكل عام والجميع بخير.