الاستنكار حول أي قضية أو سلوك يرى فيه إضرار بالمجتمع وقيمه وثوابته ظاهرة صحية، والتجاوب الايجابي والتفاعل المباشر، سواء بالرد أو المناقشة من الجهات المعنية بالقضية المثارة في البحث عن الحلول وتعديل المسار بما يتفق مع الرأي العام والمصلحة العامة ومنهجية المجتمع وثوابته توجه حضاري.
كثيرة هي القضايا التي طرحت وما زالت على بساط الطرح منها أزلية الطرح وما زالت مكانك سر كقضية حقوق المتقاعدين وقضايا أخرى ملحة، مثل الاحلال الوظيفي الاجنبي في القطاع الوظيفي الحكومي وغير الحكومي، وقانون العمالة المنزلية وما يترتب عليه من ضرر على الكفيل وغيرها، جميعها لم تجد آذانا صاغية ولا أفعالا جارية ولا حلولا شافية، تدور في الدائرة المغلقة من التسويف والوعود والصمت بالرغم من جدلية استمرارها في الصحف المحلية ووسائل التواصل.
لذلك اثار الرد الفعلي الايجابي المباشر لأكاديمية قطر مع ادارتها في محاولة النظر ودراسة ما تم تداوله في منصات التواصل باختلاف قنواته من استنكار أولياء الأمور للبحث الذي يخص الكتاب بعنوان: “ولدنا جميعًا لنكون أحرارا” اشادة مجتمعية بالرغم من عدم سريانه مجرد مناقشة واطمئنان أولياء الأمور لايجاد الحلول، وهذا محمود، باعتبار أن الاختلاف لا يفسد للود قضية ما دامت الثوابت هي الحكم الفصل في الاختلاف، والمصلحة المجتمعية الثقافية والدينية هي الهدف، فكما ذكر أن منهجية الكتاب وفكرته تدعوان إلى الحرية المطلقة، وتعزيز مفاهيم الحرية الدينية، وتعزيز مفهوم الحرية في التغيير الديني، والهروب لدولة أخرى عن الاطار المجتمعي، مثل هذا التدليس المنهجي والترويج للمعتقدات والديانات الأخرى بشتى الصور والمفاهيم والايحاءات وتمريرها ضمن مناهج بعض المدارس الدولية الأجنبية باختلافها مرور الكرام، ودون التوقف حيالها واستنكارها ليس جديدا مع بداية قيام المدارس الأجنبية، الاختلاف في التصريح العلني والانتشار، فالدعوة لنشر المعتقدات الأخرى وغرس مفاهيمها في الفكر الانساني في المراحل الأولى للتعليم مرحلة التلقي والتثبيت والتركيز وبشتى الصور الرمزية والايحائية والمعنوية المتاحة هو الهدف لأغلب المدارس الدولية الغربية بمناهجها الخاصة على المستوى المجتمعي والعربي، مع انتشار الامتداد الفكري والثقافي، بهدف سهولة سلخ الطالب عن هويته الثقافية المجتمعية والدينية من خلال التعبئة المدرسية، فالدين الاسلامي ثابت تقف عنده جميع الحريات الدينية الأخرى أليس هو القائل في كتابه الكريم {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} وقوله: {إن الدين عند الله الإسلام}. فالانتماء للمذهب والمعتقد لا يمكن فصلهما عن الفكر في الدولة الأم وبالأخص في مناهجها في الداخل والخارج، كما لا يمكن أن ننكر أن المدارس الأجنبية كانت هي هدف الكثير من أولياء الأمور، والتسابق على إلحاق أبنائهم بها بالرغم من أسعارها الباهظة للنقلة التعليمية العصرية المتميزة والمعتمدة على المشاركة والتفكير النقدي والحوار الهادف، واستخدام المراجع في الأبحاث المحفزة، والإثراء اللغوي في تعلم اللغة الإنجليزية، وتجريب أساليب تدريسية جديدة ومنهجيات تعليمية على أسس متقدمة عبر الانفتاح على اللغات الأخرى والمهارات الأكاديمية المختلفة، وكان يتوقع ذلك، لكن الذي لم نتوقعه الترويج للمعتقدات بصورة مختلفة وعلنية دون ضوابط للمنع نتيجة عدم التقنين للمناهج التي تدرس من المؤسسات التابعة لها في الداخل، وغياب الرقابة عليها من قبل وزارة التعليم الممولة بالدقة وتحديد الأطر المنهجية بما يتفق مع الثوابت المجتمعية ثقافية ودينية وسلوكية وفكرية، وما يدس بين حروفها من أهداف مغرضة تخدم ثقافات وديانات أخرى، في انجلترا سحب حوالي 600 طفل مسلم من مدرسة نتيجة اعطائهم دروسا حول الشذوذ الجنسي عبر برنامج (لا للغرباء) يعلم الأطفال أنماط الحياة المثلية، سلوك مجتمعي يؤكد أن العقل الانساني ليس مجبرا على الالتحاق بمثل هذه المدارس المروجة للفكر والثقافة الغربية، في ظل وجود بدائل لمدارس تعليمية وتربوية بثوابتها الدينية والعربية، وفي ضبابية غير واضحة من الجهات المسؤولة عن المراقبة والمتابعة والمنع، وفي أجواء عالمية غربية تشهر سلاحها ومخططاتها بمختلف الطرق الاعلامية والتعليمية لشن حرب ضروس على الدين، من خلال نشر الثقافة والمعتقدات الغربية لتغيير الثقافة الدينية في فكر أبنائها، وفي خضم ذلك كله لا تستثنى البيئة الأولى التي ينشأ فيها الطفل، ودورها في ترسيخ الهوية الدينية العربية لخلق سور فكري وثقافي لمواجهة رياح التيارات الفكرية والعقائدية التي بدأت تستشري كانتشار النار في الهشيم.