وعُدنا للعيد والعيد أحمد، عدنا بعيد يختلف بثوبه الماضي ورونقه وشعائره بعد انتظار طال مداه، نرى ونسمع ونتلهف ونشتاق لتأدية مشاعره الدينية التي نمارسها، وجوبا وفرضية إلهية مشروعة كل عام لاستكمال أركان الإسلام، إنه الحج إلى بيت الله الحرام الذي ذكره الله تعالى في كتابه الكريم: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ)، ها هم الحجاج عادوا إلى بيت الله الحرام بلهفة وشوق، سنتان ونيف من الحرمان والمنع والشوق، كورونا والتي ما زالت تنسج خيوطها المؤلمة على الأجساد البشرية، طوقت بيت الله الحرام ووقفت في وجه الحجيج، وتحدّت كل المنظمات الصحية وكل الاحترازات الطبية، وجنّدت الدول وسائلها الطبية والاقتصادية لمحاربته وإنقاذ البشر من براثنه لتعود الحياة كما كانت عليه من التواصل والاحتكاك، وها هو الحج صورة من التلاحم والتمازج بين البشر أتوا من كل فج عميق، متجاوزين حدود الجائحة بكل احترازاتها. ما أجمل هذا اليوم ونحن نرى هذه الصورة المشرقة لحجاج بيت الله، صفوف متراصة زرافات وجماعات متحدية الوباء، صوت التهليل والتكبير والدعاء يعلو أرجاء السماء تشعر الإنسان بالقرب من الله بقلوب مطمئنة، ترجو القبول تنصهر خلالها كل زخارف الحياة وزينتها التي لا تساوي أمام عظمة الخالق جناح بعوضة، الحج اعتبار وتقييم ومراجعة للنفس هل ندونها في دفاتر سلوكنا وأعمالنا قولًا وفعلًا.
إنه بيت الله وجهة المسلمين من مختلف بقاع العالم الإسلامي باختلاف الأجناس، والطبقات الاجتماعية والاقتصادية.. يتساوى فيه الجميع بلا مفارقة وبلا سيادة وبلا ألقاب يسعى إليه كل مسلم تلبية لأمر الله، من استطاع إليه سبيلا، حسب الظروف المالية التي تتحكم في الإنسان وقدرته على مواجهة ارتفاع الأسعار التي ارتفع مؤشره هذا العام، بناءً على الغلاء الذي ساد دول العالم،، لذلك لا يستبعد التفاوت والمقارنة، تكاليف الحج هذا العام كانت موضع استنكار ومقارنة مع تكاليف دول الجوار، الذي بلغت قيمته في المتوسط 9.3 ليمثل أعلى نسبة، والتي كما حددته وزارة الأوقاف ما بين 18 ألفا و25 ألفا فلماذا؟!!
ما هي الأسباب؟!!، ولماذا هذه الفجوة بين قطر ودول الجوار؟ هل يعود إلى ارتفاع تذاكر السفر والتي تزداد يوميا؟!! أم نتيجة ارتفاع خدمات الحجاج باختلاف النوعية والتميز خاصة السكن، الذي يصل بعضها إلى 23 ألفا و70 ألفا، ولكن كيف يحظى من لا يملك متوسط المبلغ المحدد من تأدية الحج، لماذا لم يكن هناك توازن في التكلفة ليتمكن الجميع باختلاف المستويات الاقتصادية من زيارة بيت الله وتأدية فرضه، أليس دول الجوار مشمولة بنفس تكلفة الخدمات التي تقدم؟!! ندرك أن التفاوت في الخدمات حسب الجودة يؤدي إلى اختلاف الأسعار، ولكننا لا ندرك تلك الفجوة العالية بيننا وبين دول الجوار إذا كانت تقدم نفس الخدمات وتكلفتها أليس هذا يدعو للاستغراب والتساؤل، نأمل أن ينظر لأسعار التكلفة في السنوات القادمة بحيث تتحقق الموازنة ويؤدي كل من ينوي الحج فريضته بكل اطمئنان.
فكم شعرنا بالسعادة في تسيير حملات الحج هذا العام، وسعادتنا أكبر حين يعود الحجاج سالمين متجاوزين لسعة الجائحة، متحدين وجودها، وكل عام والجميع بخير