لنرجع قليلاً للوراء ونرى صورة المرأة اليوم عبر حدود عالمنا العربي والإسلامي، المرأة التي شكلتها طبيعة الحياة وظروفها وتخوض غمارها ما بين حروب ما زالت قائمة، وكوارث بيئية مفاجئة، وأنظمة وقوانين جائرة، جعلتها مكبلة بسلاسل الفقر والجوع والاغتصاب والذل والأسر والتشرد والبحث في المجهول عن لقمة العيش، وسكن، ودواء شافٍ، وكساء يقيها وأطفالها برودة الشتاء وثلوجه ورياحه، اليوم العالم بشقيه العربي والغربي بمنظماته الإنسانية الحقوقية ترك تلك الصورة المأساوية التي تعيشها المرأة، وأخذ يشمر ساعده ويدلي بصوته بالدفاع عن تمكين المرأة وإلغاء الوصاية عنها من قبل الرجل زوجاً كان أو أباً أو أخاً، والدفاع عن حريتها، لتنهش كرامتها الذئاب البشرية الهادفة إلى تدميرها، ووضع الخطط لإصدار قوانين ونظم وتشريعات تؤكد بضرورة مساواتها للرجل وبإعطائها كامل حريتها، ولو تجاوزت بيتها، وأهملت أبناءها وتجريدها من قيمها ودينها، وكأنه مخول بالدفاع عنها، بهدف الهدم والتفكيك للأسر الإسلامية القائمة على التماسك والاحترام والمودة وفق المنظور الديني الذي ذكر في القرآن الكريم، وما هذه الضجة الإعلامية والتغريدات المتفاعلة في التواصل الاجتماعي في مجتمعنا على مدى أيام متواصلة حول ما أخرجته منظمة “هيومن رايتس ووتش” في مطالبة دولة قطر بالتخلص من اسقاط ولاية الرجل على المرأة، إلا صورة من صور الرفض التام لأفكار تلك المنظمة وأهدافها الجهنمية الداعية للتمرد ضد الرجل، وافشاء الفوضى السلوكية والأخلاقية، وتفعيل تجاوزها على القيم والتقاليد، وانحلال لمكانتها من الصيانة والعفة والاحترام والمنزلة التي أقرتها الشريعة الإسلامية، لتصل أصواتهن إلى تلك المنظمة المدفوعة الأجر للكف عن تجاوزات الثوابت القيمية والدينية في المجتمع المستهدف من قبلها سابقا، دون ادراك أن الثوابت الدينية هي المظلة لحماية المرأة وصون كرامتها، وعدم التدخل في المنظومة المجتمعية، فكل مجتمع له ثوابته، وكيانه وأنظمته كما وله عاداته وتقاليده، ويرفض التدخل فيها خاصة تلك المنظمات التي تحارب الدين والقيم الإسلامية، وتتخذ من المرأة وحريتها منفذا لتحقيق أهدافها المكشوفة، وسط ذلك كله نتساءل أين تحركات تلك المنظمة ” هيومن ” من المرأة المسلمة في سجون الكيان الصهيوني، وفي المخيمات السورية والعراقية، والمرأة في اليمن، وفي إقليم الإيغور الصيني، ومسلمات فرنسا، وفي الهند على أيدي المجوس والهندوس وغيرهم، أليس هؤلاء أحق باصدار التشريعات والقوانين ! لإنقاذهّن وتمكين استقرارهّن النفسي والاجتماعي كغيرهّن، أين هي من انسحاب رئيس بولندا من معاهدة إسطنبول الهادفة حسب رؤيتهم إلى منع العنف ضد المرأة، وأين هي من واقع المرأة الغربية التي تعاني الشتات وعدم الاستقرار، والاغتصاب والعنف من الرجل، ناهيك عن ما تتحمله من مشقة قاسية في عملها، وتتمنى أن تنال ما نالته المرأة المسلمة من حفظ الكرامة والصون والاستقرار الآمن، أين دورها في الدفاع عنها ومطالبة مجتمعاتها بحقوقهن؟، فالمجتمع القطري ليس بحاجة إلى وصايا، وليس بحاجة إلى حماة للدفاع عن حقوق المرأة فيه، لذلك أحدثت تلك المطالبة ضجيجاً بين معشر النساء واستنكاراً ورفضاً، فهي على علم تام بالمنظومة الإسلامية التي تكفلت بحدود حريتها وقوامتها وكرامتها، هي الأم التي تربي الأجيال وتبعث على الاستقرار والدفء في بيتها، وليس أدل على ذلك وصية الرسول صلى الله عليه وسلم: ” استوصوا بالنساء خيراً ” كما هي تدرك أن المجتمع قد أعطاها حقوقها كاملة في العمل بمجالاتها المختلفة مساواة مع الرجل، وما هذه الدعوى التي تطالب بها منظمة ” هيومن ” إلا هدف من أهداف إلغاء الدور الشرعي للأسرة المسلمة والعمل على تفككها، ليس في قطر فحسب بل في دول العالم الإسلامي كما هو إلغاء لدور الرجل الذي كفلته له الشريعة في حق المرأة ووجوبية حمايتها والدفاع عنها من رياح الأهواء والمغرضين، وخير دليل ماذا جنته المرأة المسلمة الهاربة من مجتمعها الإسلامي العربي الآمن إلى المجتمعات الغربية بهدف الحرية والابتعاد عن وصايا الرجل إلا الذل والهوان والضياع في دائرة المجهول !.
