حكمة القيادة والروح الوطنية

الاختلاف في الرأي والاحتجاج لقرار ما، وأساليب المجادلة والحوار في أمر ما، أو فرضية بسن قانون أو قرار جميعها ظواهر صحية، فكل انسان له الحق في استخدام أحدهما، وحسب ما يتطلبه الموقف، ايجابيا أو سلبيا، هي حرية التعبير عن الرأي المكفولة للجميع، علمنا القرآن الكريم في آياته العظيمة كيفية التعامل في استخدام أحدهما ليكون منهجنا في الحياة ومسايرة قوانينها وشرائعها بحكمة وبلاغة، فالاختلاف لا يفسد للود قضية، فقد حاور الله سبحانه ملائكته في قصة خلق آدم عليه السلام، كما حاور ابليس والأنبياء والرسل، والآيات كثيرة، وليس أعظم من قوله تعالى “وجادلهم بالتي هي أحسن” فهل نعترض؟! وأين التطبيق؟!.

ما يحدث في واقعنا الآن من تفرق وشتات وتنازع على مستوى الدول والأفراد والمجتمعات نتيجة اتباع الهوى والنفس الأمارة بالسوء، واتباع اسلوب اللغو في المجادلة والنقاش والاعتراض، والتجاوز في استخدام المفردات المسيئة والفوضوية، منصات التواصل الاجتماعي مع التعامل في اقرار قانون مجلس الشورى المنتخب، وتفعيل التصويت والانتخاب، بينت لنا الفقر في الوعي الانساني، والثقافة الانسانية، مع استخدام أساليب وعبارات ورؤى تؤكد ذلك، وتنم عما يوغر في النفس من ضغينة تجاه الآخر، سواء أفراد أو دول هادفة، تدعمها أهداف ذاتية وخارجية لتفعيل لهيبها، كما هو البحث عن تثبيت الكيان المادي والمكاني والوظيفي والتاريخي، كان أبي، وكنت أنا، وكان جدي مصطلحات نستخدمها للتمكين والتفضيل وتحقيق الهدف، تذكرني بقول الأمام الشافعي:

إنّ الفتى من يقول ها أنا ذا

…. ليس الفتى من يقول كان أبي

منتهى البلاغة اللغوية في تحقيق الذات، وبما تُقدم لنفسها ووطنها وللآخرين، نشر الفوضى وعدم الاستقرار والتفرقة لايهم عند اللغويين في الحوار والمجادلة، مهما أُغدقوا بالمال والمراكز والتفضيل، في الدولة التي تحتويهم، لكنها النفس الأمارة بالسوء، والدول المغرضة لتفتيت الكيان المجتمعي الواحد، واللحمة الواحدة، تتطلب قليلاً من الفهم والوعي والثقافة، ولنا ما يثار في المنصات الاجتماعية الآن مع تفعيل مجلس الشورى المنتخب الأول خير دليل مع ما نقرأ وما نسمع من إثارة النعرات والتعصب القبلي وتهميش دور الآخر، واستخدام ألفاظ وعبارات ما أنزل الله بها من سلطان. كلٌّ يشهر عضلاته الكلامية والسوقية بجهل تاريخي وزمني، كل يبسط انتماءه دون ادراك أن الانتماء هو المحافظة على السفينة الوطنية من الغرق، وصد العواصف الكلامية المغرضة والخلايا النائمة بمبدأ أن الوطن خط أحمر لا يمكن المساس به وتجاوزه.

جميعنا عشنا الأزمة الخليجية، وتعايشنا مع المعركة الكلامية والفعلية التي اشتعلت في ميدانها طيلة ثلاث سنوات ونيف بأقسى الألفاظ ودناءتها، رأينا كيف كان تلاحمنا ككيان واحد، ومصير واحد وهدف واحد، شعارنا في المواجهة حماية الوطن، والوقوف مع الدولة في أزمتها، هي الأرض التي تحتوينا بخدماتها وخيراتها وكياننا الأسري، يجب علينا حمايتها واستقرار سفينتها نحو بر الأمن والأمان، هذا التلاحم كان حديث الاعلام العربي والدولي بالإشادة والثناء، لولا تلاحمنا في الأزمة الخليجية باختلاف اطيافنا المجتمعية والعقائدية والفكرية، لكنا شيئا آخر، ولحدث ما كنا نتوقع حدوثه.

ما بنيناه من حُب ومودة وتلاحم يجب أن يترجم الآن مع واقع انتخابي أول نعيشه، ولا يهدمه اعتراض أو احتجاج شخص أو فكر فيما ورد في مواده، ولا نترك أي ثغرة للمغرضين للدخول منها، والشماتة بنا والتلاعب على عقول الضعفاء منا من يعيشون دائرة اللاوعي الفكري، والفراغ العقلي، لمحاولة زعزعة النسيج الاجتماعي، ولذة النشر والتسابق فيه عبر منصات التواصل، هناك لجنة تظلمات وضعت للآراء المعارضة، وتفعيل المطالب، هناك من يستمع، ومن ينصت ومن يغير ومن يقرر، دعوا السفينة الوطنية تبحر في بر الأمان والاستقرار، لتسيير هدفها في نجاح أول تجربة انتخابية وتطبيق المشاركة الشعبية عبر المجلس المنتخب، فالاختلاف سنة الحياة لكن بمبدأ التسامح واحترام الرأي الآخر بثقافة واعية وفكر مستنير لنكون قدوة للأجيال القادمة، قال الامام الشافعي:

كُنْ ابن من شئت واكتسب أدباً

يُغنيك محموده عن النسبِ

عن Aisha Alobaidan

شاهد أيضاً

وزيرة التعليم.. ومبادرة تستحق الإشادة

يقال أول الغيث قطرة، ونحن نستبشر بقطرات خير من خلال تصريح سعادة وزيرة التربية والتعليم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *