المرشحون ولغة الحوار والخطابة

تم الإعلان عن أسماء وصور المرشحين في كل دائرة كما أعلنتها اللجنة الإشرافية على انتخابات مجلس الشورى والتي شهدت الكشوف الأولية وجود 294 مرشحًا منهم 29 امرأة باختلاف الثقافات والقدرات موزعين على 30 دائرة انتخابية.

ظاهرة صحية مجتمعية، وحرية مكفولة للجميع بالمشاركة، ومشاركة شعبية يعززها الوعي بتحقيق التعاون والمشاركة، وولادة جديدة في المجتمع، تحمل في طياتها أهمية الرأي الآخر في صنع القرار وسن التشريعات، ومراقبة الأداء الحكومي في جميع مؤسسات الدولة ووزاراتها، وتناولها بما يخدم المصلحة الوطنية العامة، تناولتها الوسائل والمنصات الإلكترونية المجتمعية والصحف المحلية بالنشر والتبريكات، ومع تلك الأعداد الكبيرة غير المتوقعة للترشيح خاصة الدوائر ذات السقف المرتفع في الأعداد وتكرار أسماء العائلة والقبيلة الواحدة، نأمل أن يكون الاختيار للأفضل كفاءة وخبرة وثقافة ووعياً، دون النظر لاسم العائلة والقبيلة، دون تفعيل العاطفة والنعرة القبلية في التمييز والاختيار لمرشح ما لأنه ينتمي إلى… على حساب كفاءة مرشح آخر، وهذا ما يتداول الآن مع الأسف.

ولكن.. يبقى السؤال مطروحاً حول اللغة أو الصيغة المستخدمة في التعامل مع المجلس المنتخب، في كيفية الحوار، انتقاء الألفاظ المستخدمة في التعامل دون لغو، الثقافة المعرفية بالمواد واللوائح، الاطلاع على مواد الدستور، قادراً على التأثير بالمنطق والحجة والاقناع عند طرح القضايا ومناقشاتها وعند المفاوضات مع الآخرين؛ داخليا في المجلس أو مع الناخبين أو الوسائل الاعلامية أو في المهمات الخارجية عند التمثيل، والثقة في استخدام أسلوب الخطابة بمهارة عالية، وجودة مخارج الحروف وغيرها. وفي وسط تلك الأعداد المتداولة للمرشحين نأمل أن لا يكون اللقب والحوافز المالية هما السبيل للترشيح والمشاركة دون اعتبار للمصلحة الوطنية العامة، وأن لا يكون الترشيح إرضاء لاختيار العائلة والقبيلة له كما يحدث الآن في الواقع لمجرد تثبيت وتأكيد النسب العائلي داخل المجلس فحسب، دون التأكد من قدرته وإمكانياته الحوارية والثقافية واللغوية في خوض التجربة ومواجهة أمواجها ليكون موضع ثقة وأمل الناخبين، ويكون خير من يمثل الدولة في المؤتمرات واللقاءات البرلمانية الخارجية على مستوى العالم.

هناك دبلوماسية برلمانية، وهي وفود برلمانية وتشكيل لجنة الشؤون الخارجية تنطلق إقليميا وعالمياً لدعم السياسة الخارجية للبلاد، كما أن هناك مشاركات في المؤتمرات البرلمانية؛ مثل البرلمان العربي واتحاد البرلمانات الدولي، وكذلك الزيارات البرلمانية الثنائية للاطلاع على مسيرة البرلمانات الأقدم في العالم. لذلك الترشيح يجب أن يكون مبنيًا على قناعات ذاتية وصلبة قادرة على المواجهة والتحاور والنقاش، تمتلك ثقافة مطلعة وملمّة بثقافة البرلمانات الخارجية، كما هو إلمامها بالأرشيف السابق لمجلس الشورى، فالبشت ليس تعبيرا، واللقب ليس تعبيرا، والقبيلة ليست تعبيرا. التعبير الأهم في خوض الانتخاب، كيف امتلك السلوك الدبلوماسي “الإتيكيت” في الحوار والمناقشة والجدل، وكيف أستطيع أن أحقق المصلحة الوطنية، من تحقيق ما يصبو إليه الناخب الذي وضع ثقته في من يراه أهلا لعضوية المجلس. فا المرشح لا يمثل نفسه إنما يمثل الوطن، ويمثل المواطن، يجب أن يكون قادرا على خوض المفاوضات لمواجهة الأطراف الأخرى عند الحوار والمناقشة بأدلة يقينية، وثقافة عالية، وحجة منطقية واعية، ومهارة لغوية، ووعود صادقة، وعالماً بكيفية التمييز في الخطابة والحوار بين الأسلوب المستخدم داخل قبة المجلس وبين جمهرة الناخبين، وإلا كيف يستطيع أن يحقق ثقة المواطن وثقة الوطن، وكيف يكون له دور مؤثر مع المجتمع ومؤسسات الدولة! وكيف يستطيع مواجهة أي سؤال يطرح إعلاميا أو داخل المجلس أو على مستوى البرلمانات الخارجية. إنها تجربة وليدة، نأمل لمن يخوض غمارها ويتعامل داخل ردهاتها أن يحقق الأهداف التي من أجلها وجد المجلس المنتخب.. وأن يُقوّم نفسه قبل أن يُقوّمه الآخرون.

عن Aisha Alobaidan

شاهد أيضاً

وزيرة التعليم.. ومبادرة تستحق الإشادة

يقال أول الغيث قطرة، ونحن نستبشر بقطرات خير من خلال تصريح سعادة وزيرة التربية والتعليم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *