المرشحون وصدارة التعليم

قضية التعليم هي القضية المحورية التي ركز عليها الكثير من المرشحين من خلال عرض برامجهم الانتخابية إعلامياً، وجميل أن يكون التعليم هو المحور المهم الذي يجب أن يضعه المرشحون أمام أصحاب الشأن تحت قبة مجلس الشورى المنتخب، فمتى ما صلح التعليم صلح الفكر، ومتى ما صلح الفكر صلح المجتمع، ومتى ما صلح المجتمع ارتقى وانتقى، نؤمن أن جودة التعليم بكافة معطياته التعليمية يخلق جيلاً آخر مبنياً على لغة الحوار والمعرفة والابتكار والإنتاج لإدارة مجتمع سليم البُنيان والبَنان يسابق الزمن في النماء والتطور، يواجه رياح التغيير، وعواصف الحداثة، وشوائب العولمة، جيلا يتعلم ليرتقي بفكره ولغته وقيمه، ويصنع كياناً وطنياً بثوابته.

محاور مهمة كثيرة أثارها المرشحون للانتخابات، هذه المحاور إذا لم تجد لها فكراً واعياً يستمع يبحث يناقش يجادل يطالب بحجج منطقية ودراية واعية ووعود صادقة وإلمام تام بالقوانين واللوائح الدستورية، وتغليب المصلحة العامة الوطنية على الخاصة، وإلا ستفقد البرامج واقعيتها، وهذا لا يتحقق إلا بجودة التعليم وجودة المخرجات التعليمية.

…. الناخبون الآن مع مجلس الشورى المنتخب يريدون واقعاً متفاعلاً مع متطلباتهم وقضاياهم بعيدا عن الوعود الزائفة، يريدون تشخيصاً ومعالجة وتنفيذاً وليس أحلاماً وأمنيات وتطبيلاً، فكم من المحاور التي طرحها المرشحون لبرامجهم اتخذت موقعها من سنوات إعلامياً ومجتمعياً، وتناولتها المنصات المجتمعية والصحف والمجالس، مجرد فقاعات بددها تغليب المصلحة الخاصة وغبار التسويف، كذلك الناخبون لابد أن يكونوا على بينة وبصيرة وضمير بجودة وحسن الاختيار.

…. لذلك فإن المحور التعليمي لصناعة عقول واعية ضروري في الاهتمام به، وتصدره في ملفات الناخبين ومناقشته بجدية، وهذا ما لمسناه خلال نقاط برامج المرشحين، فالمدارس المستقلة بتعميمها مجتمعياً خلقت فضاءات واسعة المساحة لمبان تعليمية بكافة منشآتها المعملية العلمية والتكنولوجية والرياضية ذات جودة عالية، وسقف مالي مرتفع، لكنها لم تخلق تعليماً جيداً يتوازى مع طموحات المجتمع في تعليم جيد بثوابته ولغته وقيمه وثقافته، لا ننكر أن المبادرة التعليمية نقلة جديدة تواكب الزمن وتحاكي العقول الشبابية في زمن مختلف ومتطلبات مختلفة، وتنوع مختلف، وأفكار مختلفة، وتغذية معرفية مختلفة ومتنوعة، لابد من تطبيقها وتحقيق أهدافها، لكن الاختلاف اليوم والوجه الآخر لتلك المدارس وضع المجتمع في موضع الاستنكار يبكي على ليلاه، ويستشعر المفارقة في قوة المخرجات التعليمية وقوة الأداء التعليمي وقوة المناهج واللغة مع نظام تعليمي تقليدي مسبق، الذي لابد أن يتغير وفق تغير الزمن والأجيال والتنمية، ويعتمد على البساطة والتفكير والإبداع وليس التلقين.

لذلك فالملف التعليمي لابد أن تفتح صفحاته بدقة وشمولية ومصداقية في التغيير، هناك مناهج يجب وضعها في ميزان التدقيق والغربلة والنبش بين صفحاتها وتنقيتها من الشوائب الهادفة إلى تغيير العقول والثوابت والقيم، تلك أمانة تعليمية، خاصة المدارس والمراكز التعليمية الخاصة التي مع الأسف لا تخلو مناهجها من نشر معتقداتها وأفكارها وعاداتها بالصور المرئية والشرح التفصيلي لدّس السم بالعسل لتطبق مناهج تتماشى مع دولها، هناك نزوح وطنيّ مستمر مستغرب من العمل في التعليم، حتى غلب التغريب على التوطين، وغلبت التأتأة اللغوية على مخارج الحروف العربية لاختلاف اللهجات وضعف الأداء التدريسي للغة العربية، يحتاج إلى معالجة ومعرفة الأسباب، والتي منها التركيز والاهتمام بالمتطلبات الورقية الثقلية على عاتق المعلم والطالب قبل الجودة في المخرجات التعليمية والتي لابد أن تتوازى مع متطلبات سوق العمل والعملية التنموية. هناك لغة عربية انصهرت هويتها ومتانتها نطقاً ونحواً وبلاغةً وكتابةً وخطاً بين دفتي اللغة الأجنبية وسريانها وبين التعليم الإلكتروني والاعتماد عليه، وزاد ضعفها مع الطامة الكبرى “التعليم عن بُعد” الذي فرضته الجائحة الوبائية “كورونا”، وهناك مناهج إسلامية دينية متينة بعثرتها العولمة والسياسة المنهجية الغربية المتبعة المغرضة في محاربة الثوابت الدينية، ومعه تبعثرت الثقافة الدينية والمعرفية لدى المتعلمين، وهناك الكثير في التعليم، متى ما بحث عنها المرشحون في الميدان، متى ما وجدت طريقها للمعالجة والحلول ما أعجزت عنه الوسائل الإعلامية الأخرى، تغذية رأس المال البشرى لبناء وطن تنموي وبناء عقل مفكر بقضايا وطنه لا يؤتى ثمارهما إلا بالجودة التعليمية.

عن Aisha Alobaidan

شاهد أيضاً

وزيرة التعليم.. ومبادرة تستحق الإشادة

يقال أول الغيث قطرة، ونحن نستبشر بقطرات خير من خلال تصريح سعادة وزيرة التربية والتعليم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *