من أين نبدأ وكلماتنا بين السطور بلا نهاية في طياتها ما أعجزت عقولنا عن ذكرها وتكرارها فمن يقرأ ويستمع ومن يدرك ويقرر، فهناك من يستوعب ويعي، لكنه كالأخرس، لا يسمع، لا يرى، لا يتكلم، وهناك من يدرك الحقيقة ويتجاهلها، وهناك من يطبق المثل السائد دع الكلاب تنبح والقافلة تسير، وهناك من تحكمه المصلحة، لذلك خرست الألسنة عن كلمة الحق وقول الحق وفعل الحق، أسئلة لا تخلو منها أحاديثنا اليومية، مع سرعة الزمن، وتعاقب الليل والنهار، توارد الجميع تدور في الفكر، لعلها تجد من يحولها إلى واقع، ويستشعر بدقة ما يدور حولنا، وما يخطط لنا، وما يحاك ضدنا، تتواكب علينا مخاطر من الأمم المعادية، لثوابتنا الدينية بكل معطياتها الشرعية والسنية والأخلاقية والسلوكية تهدف إلى تمزقها وتجزئتها، لا تجد أمامها خطا أحمر، يوقف انتشارها، ويدحض خططها، من صناع القرار، تمثل قوة أمام مخططاتهم الصهيونية والماسونية، أفكار وسلوكيات وأفعال لم نسمع ولم نرَ مثلها وبصورة علنية، تمس شعائرنا وديننا وأخلاقياتنا وأدبياتنا ومجتمعاتنا، تجد لها آذانا صاغية نواجهها بالتغييب الفكري والتجاهل العقلي، والدس في السجون والمعتقلات، لم يعترض سيرها ووقف انتشارها لا قانون ولا مقاطعة، الدول تنظر إلى مصلحتها وتطبيق أجندات معينة، المصلحة السياسية سيدة الموقف في المواجهة لذلك الخنوع والانبطاح والسيطرة والهيمنة والتقليد سلوكيات نراها اليوم تلامسنا أفرادا ومجتمعات وما زلنا صامتين، وفي نطاقها سائرون.
…. لنبدأ ونرى ما يحدث من ثقوب في جداريات كياننا الديني الذي هو الهدف والمعقل والمؤشر والسلاح للدول الهادفة في القضاء عليه، وتضعيف قوامته. حروب باردة بلا أسلحة ولا ميادين قتالية، فقط قوانين وتشريعات ودساتير وفرضيات ومصالح سياسية متبادلة ومناهج دراسية مفروضة، وكراسي قيادية متحركة أو ثابتة حسب الأهداف والخطط، هي أكثر قوة وسيطرة وتأثيرا على الفكر والعقل الإنساني، إنه الغزو الفكري والثقافي الذي دخل علينا من البوابات الإعلامية الإلكترونية بلا هوادة، فتكالبت علينا الأمم بكل أفكارها وطقوسها وقوانينها، من أجل فرض واقع يقوم على التفريق وإضعاف الدول الإسلامية بكل مقوماتها البشرية والمادية، وبكل ثوابتها الدينية والقيمية، ومحاولة التغيير بدءا بتغيير المناهج الدراسية تحت شعار التنقيح، وانتهاء بفرضية المستجدات التي تتماشى مع ما يشبع رضاهم وتوجهاتهم، دون وعي بما يصطدم بالشرع، مكروها أو تافها لا يستحق اللهث والاقتداء، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم (لتتبعن سنن من كان قبلكم، شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم)، وها هي التبعية هيمنت على مجتمعاتنا الإسلامية، باتباع المذموم والمحرم والمكروه الذي ساد مجتمعاتنا الإسلامية، ما يتداول عن توجه إلغاء يوم الجمعة من حساب العطلة الأسبوعية، واعتباره يوم عمل بدوام أو نصف دوام، أثار الاستنكار العام، بعد أن كان هذا اليوم إجازة رسمية اعتيادية له قدسية خاصة عند المسلمين في الاستعداد، والتبكير للصلاة وحضور الخطبة وتأدية شعائره. كما هو يوم السبت المقدس عند اليهود للتفرغ لتأدية طقوسهم وصلاتهم وعاداتهم الدينية في دورهم، وقدسية يوم الأحد عند النصارى للتعبد وتأدية الطقوس والشعائر الخاصة في الكنائس، إنه يوم اعتاد المسلمون أن يكون يوما غير عادي له فضله وقدسيته، لماذا هذا التوجه في الإلغاء المفاجئ !! هل لأسباب اقتصادية أو اجتماعية أم لأسباب غير معلنة؟!، هل هو تصرف فردي! أو توجه عام؟!! أم أن هناك دولا أخرى سوف تأخذ هذه الخطوة لأسباب غير معلنة؟ ويبقى السؤال وعلى مر السنين لماذا لا تأخذ الدول غير الإسلامية خطوات تتماشى مع قوانين وعادات الدول الإسلامية، رغم المصالح المشتركة الكبيرة التي تربط بينها؟!