لم تخلد في ذاكرتي الكتابة عن المحميات الطبيعية، وشموليتها ضمن الاهتمام في الإثارة، كما هي القضايا التي استحوذت أغلب المقالات التي تشغل الرأي العام الاجتماعية والسياسية والصحية والتعليمية وغيرها، بالصدفة في حديث مع أحد الأخوة عن المحميات والحديث عنها كمشروع سياحي دائم شموليّ يستوعب كل أنواع الحيوانات والطيور والنباتات وتنوع التربة بسهولها ووديانها وتلالها وصخورها البيئية الصحراوية للمنطقة التي تنتمي إليها كنوع من الحفاظ عليها من الانقراض والدخول للمجهول والاندثار من جهة، ثم لتكون ثروة بيئية للأجيال القادمة لحياة بيئية مستدامة، ومن باب العلم والمعرفة بطبيعة البيئة الصحراوية والساحلية، خاصة أن الامتداد الأفقي العمراني بدأ يلتهم أمامه البيئة الصحراوية والساحلية مما يؤثر على انقراض كائناتها بكل مواصفاتها وعناصرها البيئية، فاختفت معالمها من نباتات برية وأشجار وحيوانات وطيور وصخور. وغيرها، وما إنشاء المحميات الطبيعية على مستوى العالم إلا مصدر أساسي للحفاظ على ما تبقى من أساسيات الحياة الفطرية بتنوعها البيولوجي النباتي أو الحيواني.
…. لذلك اضطررت في البحث عن المحميات المتواجدة في الدولة من خلال «جوجل»، من باب العلم والاطلاع والمعرفة، هناك محميات متواجدة قائمة، تبلغ في مجملها 12 محمية طبيعية، منها الشحانية والإركية والذخيرة والمسحبية وخور العديد وغيرها من الأسماء، وهناك محميات خاصة بجهود فردية كمحمية الدوسري يرتادها الكثير من الزوار والسياح، للتعرف على عناصر البيئة الصحراوية والاستمتاع بالأنشطة والفعاليات، ولو أن جميعها ليست شمولية لكل العناصر الصحراوية البيئية والساحلية، إلا أن بين جوانبها من شواهد البيئة البرية وحيواناتها وطيورها، ما يمكن الحفاظ عليها والاستمتاع بها، والتعرف عليها، وقد وقعت عيناي أثناء البحث على محمية الشيخ صباح الأحمد رحمه الله في دولة الكويت، والتي تعد كما ذكر من أكبر النظم الايكولوجية الأرضية، التي تم تخصيصها كمحمية ذات أهمية طبيعية تضاريسية وبيولوجية، بالإضافة إلى المحافظة على إدارة الموارد الطبيعية المتجددة، وبمساحة إجمالية تبلغ 330 كيلو متراً مربعاً، تتكون من 39 نوعاً من النباتات بالمناطق الساحلية، و87 نوعاً في المنطقة الصحراوية، كما هي المحمية الساحلية كترجمة لمعلم سياحي للجذب بما تحتويه من غرائب النباتات الصحراوية والحيوانات البرية.
…. وبما أن دولة قطر أولت اهتماماً واسعاً بالحياة الفطرية وحمايتها من الانقراض بموجب إصدار مرسوم أميري بقانون (19) سنة 2004 واقتراح السياسات والأنشطة الكفيلة بالحفاظ على عناصرها، وإنشاء المجلس الأعلى للبيئة والمحميات الطبيعية يؤكد حرص الدولة واهتمامها بحماية البيئة، والاهتمام بالحياة الفطرية ومكوناتها، وبما أن الصحراء القطرية غنية بأنواع النباتات البرية مثل الشفلح، السدر، الحميض، الرقراق العوسج، السبط، الشيح، السمر، والطلح والقرم والكثير منها والتي انقرض بعضها وأهمل بعضها، كما هي الحيوانات والطيور البرية كالظبي والضباع المخططة والجربوع والغزلان والثعلب البري، والطيور كالحبارى والصقور والنعام والحدأة وغيرها.
لذلك إنشاء محمية بيئية صحراوية مستدامة بكل معطياتها الصحراوية وعناصرها البيئية وعلى مستوى الدولة وبجودة عالية من التقسيم والتنويع، وبسعة وامتداد صحراوي لتكون ملاذاً للطيور والحيوانات والنباتات النادرة بمسمياتها والصخور البرية بأنواعها وأشكالها، والرمال وكثبانها، والأودية وانحدارها كما كانت عليه في الحياة البرية، حفاظًا عليها من الانقراض والتناقص والإهمال، وغياب الوعي الإنساني بأهميتها ودورها للتوازن البيئي، لتكون معلماً سياحياً بات ضرورياً ليستشعر الزوار والسياح الجو الصحراوي البري والبيئة البرية وكأنهم يعيشون واقعاً صحراويًا، وبكل مكنوناته ومكوناته، إن إنشاء مشروع محمية عالية المستوى إضافة إلى المحميات الطبيعية القائمة ما هو إلا ترجمة للوعي بأهمية المحميات في تخفيف آثار التلوث البيئي الناجم عن الأنشطة الصناعية، والرعي العشوائي، والمخلفات البشرية، للحفاظ على النوع والسلالة بتوفير الإمكانيات البيئية المناسبة وتجهيزها لكل نوع.. فأين المحميات الطبيعية من المرافق السياحية؟.