متى كان العيد… طاردًا؟!!

انتهى العيد.. عيد مختلف وبثوب مختلف، استقبلناه بكل أفراحه وأهازيجه التراثية، بكل مكبرات الصوت التي ملأت الأجواء بالتهليلات والتبريكات، وبالتواصل مع الأهل والأصدقاء، بكل ما يجود فيه من عطاء “العيدية” تدخل الفرحة في قلوب الأطفال والمحتاجين، “عيدكم مبارك” كلمات جميلة، كم تشعرنا بالحب والدعوات بالبركة لأهل البيت، ننسى خلالها الهموم والمشاكل والقلق لنعيش أجواءه “عساكم من العايدين” أليس هو عيد مختلف؟!! ألا يستحق منا هذا العيد بعد سنتين من الحظر الصحي الذي فرضه الوباء “كورونا” على المستوى العالمي أن نكرم وفادته، ونحسن استقباله، بأجمل صورة وأجمل لقاء وأجمل مظهر وملبس؟، أليس من واجبنا أن نعلّم أبناءنا كيف نستقبله اقتداء بسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بمواصفاته الجميلة، وخاصة فيما يتعلق بصلة الرحم التي تعتبر حبل الصلة بين الله وبين العباد ، وليس بينها وبين الله حجاب، يأتي العيد ونقطع هذا الحبل الرابط، وتحزم حقائب السفر لدول أخرى بهدف الراحة والمتعة واستغلال طول الإجازة والتقليد، دون إدراك بأن استقبال العيد سنّة نبوية، والعيدية فرحة، والتواصل الأسري بركة، وصلاة العيد فرض كفاية، كيف نعلّم أبناءنا هذه القيم والمعاني الجميلة ونحن نطمس معالمها بين حقائب السفر وبين التعايش بأجواء أخرى لا يُستشعر فيها بنفحات العيد ومقدمه، دول غربية لها طقوسها المختلفة في أعيادها ووقتها ومسمياتها ودول عربية تفتقد فيها صلة الرحم والتواصل الأسري. في الماضي يحرص المسافرون على العودة لأوطانهم للاحتفال بالعيد مع أسرهم، اليوم اختلفت المفاهيم، واستحدثت عادات وظواهر، يشّد الرحال للهروب من الأعياد.

…. ولا ننكر أن السفر لابد منه، له أهميته بفوائده الذي ذكرها الإمام الشافعي: “تَغَرَّبْ عَن الأَوْطَانِ في طَلَبِ الْعُلى… وَسَافِرْ فَفِي الأَسْفَارِ خَمْسُ فَوَائِدِ: تَفَرُّجُ هَمٍّ، وَاكْتِسابُ مَعِيشَةٍ، وَعِلْمٌ، وَآدَابٌ، وَصُحْبَةُ مَاجِد” لكن اختيار الوقت و الزمن أمران ضروريان، يجب الحرص عليهما بحيث لا يتعارضان مع مواسمنا الدينية وشعائرها التي يجب علينا كمسلمين تعويد الأطفال على ممارستها واحترامها، حتى لا تفقد مفاهيمها في ذاكرتهم، ويصبح السفر عادة مقترنة مع موسم الأعياد.. ألا يكفينا التواصل الصامت مع الأجهزة الإلكترونية التي أبعدتنا جميعا عن التواصل مع الأقارب عن قرب، أليس العيد فرصة للتقارب المباشر، أم أنها ظاهرة مستحدثة لابد منها، قضت على أجمل يوم تشرع فيه الأبواب لاستقبال المهنئين بالعيد، أو أنه تقليد أعمى للآخرين دون انتظار اليوم الأول للعيد لممارسة سننه، والقيام بواجباته.. إذا كان العيد هروبا من التجمع الأسري وصلة الأقارب والرحم فهذا مؤشر سلبي للعلاقات الاجتماعية يجب الحذر منه والتنبيه إليه، أما إذا كان بعد يوم العيد مباشرة فهنا الأمر يختلف.

ومن جهة أخرى وبعد عامين من تراجع الاحتفال بالأعياد نتيجة انتشار الوباء “كوفيد” احتفلت الدولة بمؤسساتها الثقافية والإعلامية، وبعض الجهات الأخرى باستقبال العيد بتفعيل الكثير من الأنشطة الترفيهية والفعاليات والمهرجانات خاصة التي تخدم الأطفال للتعايش مع فرحتهم بالعيد، باختلاف التنوع وتعدد المجالات، والتي امتدت ما بين كتارا، ومنطقة مشيرب، وسوق واقف، وكورنيش الدوحة، ومراكز التسوق، التي شهدت جميعها لمسات جميلة معبرة عن الفرحة بالعيد كما شهدت تواجد الكثير من المواطنين والزوار والمقيمين وباختلاف الأعمار والجنسيات والأجناس والثقافات، يشهد على سماتهم تعابير الفرحة والتفاعل، ولكن بعض الفعاليات وخاصة في المجمعات التجارية المغلقة، تتطلب مستقبلا التنظيم والتنسيق للقضاء على ظاهرة التزاحم وخاصة أن مؤشر العمالة مرتفع، مما يؤدي إلى امتناع وتراجع الكثير من العوائل بالاستمتاع والمشاركة بالفعاليات، نتيجة ما يحدث من تراص وتزاحم بين الجنسين، لذلك رسالة إلى الجهات المنظمة لفعاليات الأعياد بضرورة التنظيم قبل التفعيل والتركيز على ما يتناسب مع جميع الأطراف.. جعل الله أيامنا أعيادًا وجميع المسلمين..

عن Aisha Alobaidan

شاهد أيضاً

وزيرة التعليم.. ومبادرة تستحق الإشادة

يقال أول الغيث قطرة، ونحن نستبشر بقطرات خير من خلال تصريح سعادة وزيرة التربية والتعليم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *