سنون تمضي وتقدم.. وجرح النازحين لا يلتئم

هناك ما بين الصحاري والجبال في سوريا ولبنان وتركيا وباكستان والعراق واليمن، خارج حدود الأوطان قصص انسانية مؤلمة بمناظر تقشعر لها الأبدان، وتبكي من هولها القلوب يبدأ سردها مع بداية فصل الشتاء وأمطاره وثلوجه وبرودته تكبر المأساة، وتسرد لنا حياة القاطنين في المخيمات المتهالكة نتيجة العوامل البيئية الشتوية القاسية، ملايين من البشر مشردون موزعون خارج حدود أوطانهم يبحثون عن مأوى وملبس ومأكل وتدفئة، يعانون الأمرين الجوع والبرد، طوقتهم الأمراض والأوبئة والاكتئاب والجهل، قصص تسرد لنا كيف تحولت حياتهم نتيجة الحروب والأنظمة الجائرة التي تحكمها وحليفاتها من الدول الغربية التي نشرت سمومها في أوطانهم بهدف المساعدة بطائراتها وصواريخها لتحقيق أهدافها في إضعاف الدول العربية والاسلامية، وتشتيت أوطانها وسكانها لفظتهم لترمي بهم خارج أسوار أوطانهم، ثم نتيجة التقلبات الجوية من العواصف والفيضانات الإلهية، كما هي نتيجة المناطق المتضررة من النزاع، يدفعون الثمن القاسي وهم يعيشون في الملاجئ والمخيمات، ينتظرون بعين الرأفة والحاجة والأمل، المعونات والمساعدات من الجهات الانسانية والخيرية من خلال جمعيات الهلال الأحمر والمنظمات الانسانية العالمية، للاستشعار بأن هناك من يحتويهم ويخفف عنهم، أنظمتهم وحكوماتهم لا تلتفت اليهم، اهدافهم الحفاظ على رغد العيش والرفاهية والصراعات على كراسي الملكية والرئاسية والمصالح الضيقة بعيدا عن احتياجات ومصالح الشعوب.

…. كم هو مؤلم وكم هو قاس! حين تصل الانسانية الى هذه المرحلة من البؤس، ويزداد الألم حين نرى أطفالنا منعمين يعيشون في رفاهية مترفة لا يدركون قيمتها بإسراف وتبذير، انها مفارقات الحياة منذ خلق الله البشرية، ولكنها تتطلب التأمل والتفكر، ألم تصدمنا مأساة تلك الطفلة السورية تبكي بحرقة قلبها ودموعها التي تسرد مأساتها وهي تقول أنها تضع مخدتها على بطنها وتبكي لهول الجوع والتهجير والبرد، أم تلك المرأة التي تلتحف الخيمة وتفترش الرمال مع أبنائها لتقيهم من البرد، أم دموع الشيخ المسن الذي يعاني المرض ولا حول ولا قوة له في انقاذ أطفاله، أم منظر صفوف النازحين في طوابير يتلقون الكساء والطعام، أم أولئك الأطفال الذين يبحثون عن الطعام في النفايات والمخلفات وغيرها من أشكال المذلة الانسانية المستمرة التي لفظتهم أوطانهم الى المجهول بين الصحاري والوديان والجبال من عرسال الى عكار الى البقاع في لبنان الى غازي عنتاب والريحانية وأقجة في شمال تركيا الى ملاجئ الزعتري في الأردن وغيرها.

…. صور انسانية مؤثرة تحولت الى ايقونات في الذاكرة البشرية تتداولها وسائل الاعلام عبر القنوات وعبر المنصات، وتزداد امتدادًا واعدادًا، وكل سنة جديدة نتعلق بآمال لتغيير الأحوال والمعاناة الانسانية في أوطانها وخارج جداره، الا أن آمالنا مجرد ذرة تعصفها رياح الظلم نقف حيالها حين لا يكون التخفيف سوى من المنظمات والجمعيات والمراكز الانسانية والخيرية في تسيير قوافلها الانقاذية للمساعدة والاعانة.

… اليوم مع نهاية عام مضى 2022 بكل آلامه وزلاته وظروفه نستقبل عاما جديدا 2023 ونعيد الكرة بآمالنا وأحلامنا وتوقعاتنا بسنة ميلادية أفضل، ومعه بدأت الحملات الاعلانية الشتوية لملايين اللاجئين والنازحين من الدول المنكوبة والمتضررة الذين لا يمتلكون مقومات الدفء الشتوي، تأخذ سريانها ومنها دولة قطر من الجمعيات الانسانية والخيرية من أهل الخير. ولكن الى متى والمعاناة البشرية الانسانية تزداد تعدادًا وامتدادًا وسوءًا في غياب الرؤية حول ايجاد الحلول الدائمة، ولا يتسنى ذلك الا بتضافر الجهود الدولية والاقليمية والضغط على أوطانهم لعودتهم اليها بأمن وأمان واستقرا ر، وكل عام والأمة الاسلامية بخير.

عن Aisha Alobaidan

شاهد أيضاً

وزيرة التعليم.. ومبادرة تستحق الإشادة

يقال أول الغيث قطرة، ونحن نستبشر بقطرات خير من خلال تصريح سعادة وزيرة التربية والتعليم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *