مرابع الأجداد.. ما بين الشعار والتطبيق

“مرابع الأجداد أمانة” شعار اليوم الوطني لهذا العام، مستمد من قصيدة المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني، نلمس من حروفه وكلماته مدى البعد الوطني الذي لا يحده زمان ولا مكان لمؤسس الدولة، ليعكس العلاقة الوثيقة التي تربط الإنسان القطري ببيئته منذ القدم، ومدى تعايشهم مع طبيعتها برّاً وبحرًا، ومدى الاهتمام بها، ليتخذ الشعار الصفة التفاعليّة الواقعية لبيئة صحيّة مستدامة، من أجل سلامة الوطن، وسلامة مواطنيه، فالوطن لابد أن يتوشح ببيئة سليمة صحيّة للحفاظ على مرابع الأجداد، بذلوا قصارى جهدهم، وجفت عروقهم ليبقى الامتداد المكاني متوارثاً لأجيال تستكمل البناء وتعطرنا برحيق عمقه التاريخيّ، وتستكمل الطريق بأمانة وإخلاص وحب..

… تاريخ اليوم الوطني لا ينتهي بانتهاء الاحتفالات في يومه الوطني، إنما بالاستمرارية في الحفاظ على كيانه في جميع المجالات، وبأمانة وانتماء صادق، خاصة المجال البيئيّ الذي يعتبر مرابع الإنسان نحو حياة سليمة ونظيفة، ليأتي اختيار هذا الشعار متزامنًا مع ما توليه دولة قطر لقضية التغيّر المناخي ودعمه بمختلف السبل، لإيمانها بحتميّة تهيئة بيئة صحيّة نظيفة، خالية من ملوثات العوادم والنفايات وانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون وملوثات المصانع وغيرها، فالبيئة بالأمس تختلف كانت الصحراء برمالها النقية، والبحر بصفاء مياهه، والجو بنقاء هوائه، هذه البيئة تمثل البعد الروحيّ والوجدانيّ والمكاني ما بين الإنسان والأرض التي استخلفه الله عليها، لم يشُبْها عوامل مناخية كما هي اليوم أدت إلى تغييرها وتأثيرها على الأرض، نتيجة ما يعرف بالاحتباس الحراري، فالأنشطة الصناعيّة والزراعيّة على مستوى العالم التي تعتمد عليها طبيعة الحياة الجديدة أدت إلى رفع مستويات الغازات الدفيئة مثل غاز ثاني أكسيد الكربون، والميثان، وأكسيد النيتروجين في الغلاف الجوي، ناهيك عن التغيّرات الطبيعية كالجفاف الشديد، وندرة المياه، وشدة الحرائق، وارتفاع منسوب مياه البحار والفيضانات وذوبان الجليد القطبي وغيرها، أدت إلى التغير المناخي، حتى أصبح هذا التغير أكبر التحديات التي يواجهها العالم.

… ومن هذا المنطلق أكدّت دولة قطر التزامها الثابت بلعب دور رئيسيّ وفاعل في الجهود العالمية لمواجهته، وما استحداث وزارة مختصة بالبيئة والتغيّر المناخي إلا انعكاس لهذا الاهتمام لتحقيق إستراتيجية وطنية للبيئة، كما عكست لنا قمة تغيّر المناخ التي حضرها سمو الأمير، حفظه الله، والتي عقدت في مدينة “غلاسكو” بأسكتلندا في الولايات المتحدة الجهود والمبادرات التي تتخذها دولة قطر مع قضية التغيّر المناخي، منها بناء إرث مستدام يعود بالنفع على الأجيال المقبلة، كما أنّ التكنولوجيا والتقنيات الحديثة التي ستطبق في المونديال ستضمن استدامة أكثر للمنشآت والملاعب، واستكمالا لهذه المسيرة التي تنتهجها دولة قطر في الحفاظ على بيئة صحيّة سليمة من المنغصات والملوثات البيئية، وما يحمله شعار اليوم الوطنيّ في ضوئهما يجب علينا أن نسلط الضوء على خلق بيئة صحية سليمة المرابع بصحرائها وبحرها وجوها، هي مسؤولية مشتركة لها عمق قيميّ هادف إلى تحقيق مسيرة ما بناه الأجداد والآباء بسواعدهم ووفائهم وانتمائهم.

…. فحين نحتفل ونرفع الشعار “مرابع الأجداد أمانة”، لابد أن يسبقه العهد بحمل أمانة الوطن، وأمانة الأرض، وأمانة العمل، لاستكمال المسيرة، الشعارات والأهازيج والعروض والاحتفالات هي نسمات يعيشها الإنسان لحظات ثم تنتهي بانتهاء الوقت الزمنيّ باليوم الوطنيّ،،،، ثم ماذا !! هناك أرض وبيئة، تحويان الإنسان بكل معطياتهما، تتطلبان الاهتمام والعناية والدعم للحفاظ عليهما،، تتطلبان أمانة وضميراً ووفاء وصدقاً، لارتباط سلامتهما بصحة الإنسان وسلامته،، البناء التنموي الذي تسعى له الدولة لتحقيق رؤية قطر الوطنية 2030 يتطلب سواعد سليمة صحيّة، وأجساداً قوية البنان، وقوية الفكر، لم تبخل الأرض علينا بخيراتها ودفئها وحبها وعطائها ومواردها والعمل من أجلنا، بقدر عطائها يكون وفاؤنا. فقد أشار آخر استعراض وطنيّ طوعيّ مقدم إلى المنتدى السياسيّ رفيع المستوى للأمم المتحدة بشأن التنمية المستدامة، إلى جهود دولة قطر في الحد من التلوث وصون وحماية البيئة والحفاظ على التنوع الحيويّ في الوقت الذي يتم فيه استخراج النفط والغاز وصناعته، ينتج عنها ملوثات بيئيّة ضارة نتيجة الاستخراج والتكرير والشحن والنقل وانبعاثات الاحتراق وغيرها، وما الحزام الأخضر حول المدينة وضواحيها، وتحقيق الإدارة المستدامة للمحميات الطبيعية والأنظمة البيئية، وتوفير بيانات ومعلومات عن البيئة القطرية، والتوعية الإعلامية إلا لتعزيز وتحسين الإدارة البيئية، وبناء مجتمع واعٍ بالبيئة والاستدامة البيئية، بقدر تلك الجهود لابد أن يكون العطاء بالمحافظة على البيئة الوطنية، لنعيش بمرابع وطننا بأمانة وسلامة،، ويجب أن لا يحدّ احتفالنا زمن وتاريخ ويوم، إنما أزمان ممتدة، وأيام عديدة، وإرث متوارث، ومرابع تسطر على أرضها تاريخ الأجداد بمداد الإخلاص والحب والوفاء للوطن نتذكرها ويتذكرها الأجيال القادمة،،

وكل يوم وطنيّ ووطننا وأميرنا وشعبنا بخير

عن Aisha Alobaidan

شاهد أيضاً

وزيرة التعليم.. ومبادرة تستحق الإشادة

يقال أول الغيث قطرة، ونحن نستبشر بقطرات خير من خلال تصريح سعادة وزيرة التربية والتعليم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *