موقفان فرضا وجودهما في مونديال قطر، وحدّا الشعوب العربية بنبرة واحدة وهتاف واحد، لا يمكن أن يغيبا عن الذاكرة الانسانية والوعي الانساني، وسيبقى أثرهما بصمة ليس في الفكر العربي فحسب بل الفكر الغربي، فالجماهير العربية مهما فرقتها السياسة والأنظمة الحاكمة تبقى علاقة الدم العربي والروح العربية والصوت العربي أقوى من جلجلة المدافع وأبواق الأنظمة الحاكمة والاعلام المزيف، وتبقى القضية الفلسطينية حيّة تتدفق في الدماء العربية، ما أعجزت عنه السياسة نجحت فيه الرياضة اليوم، هل كنا نتصور أن يمتزج العلم الفلسطيني مع أعلام الدول المشاركة في المدرجات،وأن تكون الأرضية القطرية التي جمعت كل الأطياف وكل المفارقات في العالم الحضن الحصين للشعوب العربية لتعبر بكل ثقة وأريحية عن موقفها تجاه القضية الفلسطينية، وتجاه العدو الاسرائيلي في رفض المقابلات واللقاءات الاعلامية، فلسطين لم تكن من الدول المشاركة في الحدث الرياضي العالمي “مونديال 22” ولم يرفرف علمها مع أعلام الدول المشاركة في البطولة، الا أن حضورها كان قويًا في أجواء “المونديال”. وفي وجدان الجماهير العربية وأعلامها ترفرف مع أعلام الدول العربية المشاركة مع مشجعي الفرق العربية على مدرجات الملاعب القطرية، لم تركل الكرة الفلسطينية في شباك المونديال 22 ولكنها ركلت في وجوه العدو الاسرائيلي وأعلامه، لتكون الصفعة أقوى، جاء الاعلام الاسرائيلي ليدخل في المنافسة، ويلعب مباراة أخرى قذرة لدعم التطبيع وسريانه الذي هو توجه بعض الأنظمة، ولكن تسديداته كانت فاشلة لتدخل في المنافسة الحملة الشعبية العربية للتعريف بالقضية الفلسطينية وتثبيتها،صدح لهيبها أجواء المونديال أربكت الكيان الصهيوني وحلفاءه فهذه الاعلامية الصحفية الاسرائيلية عنونت مقالها “الفلسطينيون كلهم في قطر..الواقع محرج ” وقالت: “في مونديال قطر انتصرت فلسطين على إسرائيل، وفي رسالتها للمجتمع الاسرائيلي كتبت ” هانحن نكتشف أن هناك شعبا فلسطينيا ينبض بالحياة، وعلى وسائل الاسرائيلية أن تطير حتى قطر لنتذكر هذه الحقيقة..الخ” .
…. موقفان دفعت وتيرتها العاطفة والعقل، ليثبتا أن القضية الفلسطينية خط أحمر، ولا وجود للكيان الصهيوني في القلب العربي. وأن التطبيع مع العدو خارج عن نطاق الارادة الشعبية تحكمها مصلحة الأنظمة،وأن أوهام التطبيع التي روّج لها البعض أسقطتها مواقف الشرفاء من أبناء العرب في الدوحة، الرافضون للاحتلال، في القدس الشريف مجازر دموية بشرية يومية لا توقفها دموع الأطفال وصراخهم، ولا آهات الثكالى ونواحهم، ولا أشلاء الشباب ودمائهم، ولا مؤتمرات ولا معاهدات، بدم بارد يقتلون كالقطيع بلا رحمة، ويسحبون بالجرافات بلا خطيئة، بيوت وبنايات تهدم على رؤوس أصحابها، دوّي الانفجارات اليومية تمتزج بصفارات سيارات الاسعاف، هناك قمع وتوطين وانتزاع وتطبيع كيف لا تشتعل العاطفة ولا تتحرك الأحاسيس. ولا تنفطر القلوب، كيف لا ترتفع الأصوات بالرفض والكراهية والعداء، وعي الشعوب العربية عصيّ على الاختراق والسقوط والاستسلام لعدو، فالقضية الفلسطينية لها مكانتها ومركزها في الوعي العربي، كما أن العدو الصهيوني يبقى كيانًا غاصبًا واستعمارا مكروها ومرفوضا في وعي الشعوب العربية،، أن جبهة الوعي العربي التي اتضحت بوادرها في مونديال 22 لها دورها المركزي الهام في الصراع العربي الاسرائيلي، وفي مواجهة ورفض العدوان الصهيوني، وفي تثبيت القضية الفلسطينية، وفي الحفاظ على الحقوق والثوابت الوطنية والقومية والعربية والدينية في فلسطين المحتلة.” نعم لفلسطين.ولا لاسرائيل ” جملة واجهتها ميكرفونات الكيان الاسرائيلي في المونديال 22 كشفت عن وعيّ الشعوب العربية ازاء القضية الفلسطينية.