ها نحن اليوم نعيش الأجواء الرمضانية بمواصفاتها وشعائرها الربانية كنّا ننتظره كضيف عابر بتلهف وشغف نتذوق حلاوته ونستشعر روحانيته،، صوم وتراويح ودعوات وصدقات، يالها من شعائر دينية جميلة، راحة للفكر والجسد من زخارف الحياة وشهواتها، وراحة للنفس من الأهواء والشبهات والمنكرات، وراحة للسان من الزلات والأخطاء وذكر الأعراض،، وموائد افطار قائمة للفقراء والمحتاجين،، وصدقات لا ينتهي بريقها، والأهم الاستشعار بالآخرين الذين يتضورون جوعًا وعطشًا في دول العالم العربي والاسلامي.. وكما في حديث عن النبي صلي الله عليه وسلم: «الصيام جنّة فاذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب».
…. ها نحن عدنا اليه بصحة وعافية، واستعداد نفسي لمعايشة أجوائه الالهية، فلله الحمد والمنّة،
وتبقى ذكريات الذين فقدناهم في هذا الشهر تعصف في نفوسنا، وتدور في مخيلتنا ألمًا لفراقهم، وحزنًا على تواجدهم بالأمس بيننا.. ضحكاتهم وحديثهم لمساتهم عطائهم وتواصلهم،، لكن عزاؤنا أنهم عند صاحب الأمانة الخالق سبحانه وفي مكان أفضل في مقعد صدق عند مليك مقتدر بإذن الله،، فعليهم الرحمة والمغفرة،، ولكن تبقى قلوبنا مفعمة بالألم، وعيوننا تحملق فيما يدور حولنا من مصائب وزلات معلقة، ومتزايدة مع السرعة الزمنية التي لانستطيع اللحاق بها، وفكرنا لايتوقف مؤشره عن السؤال والاستفسار والتعجب إلى متى !! وبأي حال عدت لنا يارمضان،، شعوب تتضرع جوعًا وعطشًا، وأخوة متخاصمون على أموال زائلة ومتروكة،وحروب مستمرة أشعلت وتيرتها الأنظمة المستبدة، وآلاف المتسولين اضطراريًا في الشوارع والطرقات بلا مأوى ولا سكن، وآلاف الأسر ينتظرون دورهم فيما تجود به الجمعيات الخيرية والانسانية، في سوريا واليمن والعراق وليبيا وغزة اليوم، التي جميعها طالتها يد الخيانة والغدر، شاء قدرها أن يتحكم في مصيرها ومقدراتها فاقدو الانسانية والضمائر،، وأمراض وأوبئة بمسميات غريبة،، وسجون ومعتقلات مفتوحة لأصحاب الفكر والرأي والدعوة، وأموال عامة تهدر بلا قيد، وبلا رقيب، وبلا ضمائر تحاسب نفسها،، ورائحة الهرج والمرج تنفث دخانها في الفنادق والمجمعات،، تمر السنون ويرحل رمضان ويأتي آخر. تتجدد أحلامنا وأمنياتنا لأيام مشرقة قادمة تعكس بريق الأجواء الايمانية ونتائجها في واقعنا، لكننا لم تتغير أحوالنا وسلوكياتنا وفكرنا، يأتي رمضان وآخر ونحن كما نحن،، نشدّ الأحزمة لاستقباله ونتسابق في كيفية الاستعداد له، بإسراف وتبذير وجهالة،، موائد مثقلة بما طاب بها من تنوع في الطعام والأواني المزخرفة،، ملابس خاصة باغلى الأثمان، مقاهٍ ومطاعم لا تخلو من السهر والطرب وغيرها. من الاستعدادات المادية خلالها يفتقد الروح الايمانية نتيجة الاسراف والتبذير بجهالة وبلا فكر وبلا ثقافة دينية،، ونقول مع بدايته كل عام وأميرنا حفظه الله وأبناء وطننا والأمة العربية والإسلامية بخير،،. أعاده الله علينا سنوات عديدة بإشراقة تحمل الأمل والسلام لجميع شعوب العالم..