شيء جميل حين يتخذ الاستنكار المجتمعي لأمر ما فيه ضرر على المصلحة العامة المجتمعية والإنسانية موقعه في ملفات الجهات المختصة والمعنية بالاهتمام والدراسة والمتابعة واتخاذ اللازم بشأنه، مما يدل أولًا: على الوعي بالإحساس بالمسؤولية الوظيفية، والمحاسبة عليها أمام الله، وثانيًا: الوعي بضرورة التفاعل الإيجابي بين المسؤولين وصناع القرار والرأي العام، هذا الأسلوب التفاعليّ للمصلحة العامة ظاهرة صحية لا جدوى فيها في المجتمعات المتطورة التي تؤمن بالرأي الآخر وتحمل شعار الديمقراطية داخل برلماناتها ومجالس الشورى، لذلك وبحجم التفاعل الذي ضجت به وسائل التواصل الاجتماعي باختلاف وسائطه حول وجود محل لبيع لوازم التدخين تحت مسمى (خليل للوازم التدخين) بالقرب من جامعتي البنات والبنين، بقدر هذا الحجم وجدنا الردود الإيجابية للجهات المختصة بالشكر والثناء التي سارعت في إغلاق المحل فورًا لتعزيز الظاهرة الإيجابية المجتمعية، واحترام الرأي الآخر، الذي نأمل أن يكون هناك مسح شامل لوجود محلات أخرى داخل الأسواق في المناطق السكنية وبصورة لا تخفى على المارة والرواد والمستأجرين وملاكها تتطلب البحث والإغلاق للحد من هذه الظاهرة وتخفيف وطأتها على المجتمع.
ومع وجود هذه المحلات الخاصة بلوازم التدخين (السيجارة)، ومثله التوسع في المحال والمقاهي الخاصة بـ (الارجيلة/الشيشة)، والتي جميعها تهدف إلى الربح الماديّ لهذا السم القاتل على حساب ضرر الآخرين، نلمس التناقض بوجودهما بصورة ممتدة ومنتشرة بين الشباب من الجنسين، مع الجهود التي تبذلها وزارة الصحة العامة من حملة وطنية مستمرة في مكافحة التدخين والتوعية بأضراره على الصحة لرفع شعار قطر خالية من التبغ، الذي يفسره افتتاح عيادات خاصة بالإقلاع عن التدخين في مختلف مستشفيات الدولة، تهدف إلى تقديم الخدمات لمساعدة الراغبين في الإقلاع عن التدخين على مستوى الدولة، كما يتناقض مع ما يكتب على ظهر العلبة (التدخين يسبب السرطان)، كما هو التناقض مع المؤتمرات السنوية العالمية التي تعقد بمعاييرها التي تنص على مخاطر التبغ، إذن!! لاندرك كيف يسمح بوجود محلات خاصة لبيعه وبيع لوازمه، ووجود مقاهٍ خاصة لتدخين الشيشة بدخانها وقذارتها التي تطال الرواد الآخرين القريبين منها بعد أن كان يقتصر بيعه في أماكن محدودة، واستخدامه في البيوت بنطاق ضيق. ولا تدرك متى يعي المسؤولون عن منع إصدار رخص مثل هذه المحلات الضارة أو المقاهي المنتشرة خاصة في (سوق واقف) وخطورة ذلك!!
اليو م المجتمع الإنساني يدفع ثمن التغيير والتطوير والانفتاح، لذلك حين نوجه للمعنيين مثل وجود هذه الأماكن ندرك استسهال ذلك للمدمنين دون إدراك النتائج الصحية مستقبلا خاصة الشباب والمراهقين كأمراض السرطان والقلب والذبحة الصدرية وغيرها، لذلك نجد أن الوعي الفكري والغفلة العقلية من الضرر يغيب عن المستخدمين والمترددين عليها، وإلا لما وجدنا انتشار التدخين كما هو انتشار الترويج للمخدرات بشكليات خادعة وهادفة بين بعض الفئات العمرية المراهقة في بعض المدارس الخاصة منها والحكومية مع وجود إدارات ضعيفة يغيب دورها في المراقبة والمتابعة، كما هو غياب دور أولياء الأمور في المتابعة والنصح.
لذلك أي مشروع توعوي أو عقابي أو إغلاق تقوم به الجهات المسؤولة مشكورة من أجل تنقية المجتمع من الظواهر المهلكة للعقل الإنساني، والصحة الإنسانية، والقيم الدينية، والمبادئ الخلقية مطلب إيجابي مجتمعي، لابد أن يتخذ الاستمرارية في المتابعة والإغلاق، ألا نرى كيف تتفاعل الوسائط المجتمعية بالاستنكار لانتشار المراكز والعيادات الخاصة بممارسة الروحانيات والتأمل والطاقة الكونية اليوغا، وغيرها من الفلسفات الخرافية الإلحادية التي تغلغلت بين مسامات العقل الانساني في المجتمع بالمشاركة والممارسة، ووجدت صداها، ولم تجد من يتصدى لها، ويغلق أبوابها قبل أن نتباكى على اللبن المسكوب، كما أغلق باب بيع لوازم التدخين!