معركة فاصلة بين الموت والحياة، لا يدرك تفاصيلها الا من يعيش أحداثها، فيروس متناهي الصغر لا يرى بالعين المجردة، يهجم على الجسد الضعيف فجأة دون إنذار، يجعله طريحاً تحت رحمة الله وعنايته، وبين الأيادي البيضاء التي تعمل بلا كلل ولا توقف لتعترض طريق هذا الوباء “كوفيد – 19″، وتنقذ ما يمكن انقاذه برسالتها الانسانية السامية، قبل أن يتوقف القلب عن الحياة بكل الامكانيات والوسائل الطبية المستحدثة، لا يدرك هذا الجسد كيف اقتحم الفيروس المسام الجسدية لينتهي الى موقعه للرئتين، كم هو مؤلم، وكم هو الانسان ضعيف أمام قوة وسيطرة هذا الفيروس المميت، وكم هي الحياة جميلة حين يتمثل الموت أمام من يواجهه، بالرغم من أنها لا تساوي جناح بعوضة، يتهاوى الجسد بكل ثقله أمام “كوفيد19” ولكنها ارادة الله وحكمته العظيمة بل وقدره، أن جعلني إحدى ضحايا الجائحة وبشدة، لأرى حقيقة وجود هذا الوباء، الذي لم أره ولكنه تسلل الى جسدي الضعيف كيف ومتى وأين لا أعلم، الا حينما أصبحت طريحة الأسرة البيضاء في غرفة العناية المركزة بكل مواصفاتها وأجهزتها الطبية المتطورة التي هيئت للحالات المستعصية الحرجة لهذا الوباء، في حزم “مبيريك” نعم إنه قاتل لبعض الفئات وهذا الأمر لمسته عن قرب ورأيته بعيني، وتألمت منه وبشدة، وتيقنت وجوده، تعاملت مع كل الوسائل الطبية المستحدثة لإعادة الرئتين لطبيعتها بعناية الله وكرمه، وجهود الأطباء بما استخدموه من بروتوكولات متطورة علاجية تضاهي فيها قطر الدول المتقدمة بفضل احترافيتهم الطبية المهنية، شاء الله ان نكون تحت رعايتهم الكريمة، لأنقل تلك الصورة الحقيقية عن حقيقة وجود هذا الوباء، الذي ينخر بداية العظام بألم شديد ثم يأخذ موقعه في الرئتين ليفتك بهما، استرجعت الكثير من الأقاويل والآراء وما يدور في المنصات الاعلامية والتواصلية، حول حقيقة هذا الوباء مع انتشاره بدءا من الصين واجتياحه دول العالم، وما يدور من آراء متعاقبة ومتضاربة حول التصديق بوجوده وعدمه، صناعة بشرية مفتعلة أم قدر الهي.
حرب اقتصادية أو بيولوجية، لكنه موجود لا نراه بلا أسلحة مرئية ما زال يلامس الأجساد البشرية، وها هي أعداد الإصابات تزداد وتعقبها أعداد الأموات عالميا، ومؤشرات الوفيات ترتفع، وهو ما نجحت قطر في احتوائه بفضل الله، وتلك الجهود الجبارة، والتقنيات الطبية المخبرية والعلاجية، فقد سجلت قطر حسب التقارير العالمية أدنى معدلات وفاة مع سنغافورة.
رأيت بعيني أعداد الاصابات الممددة على الأسرة ما بين الموت والحياة، في “حزم مبيريك” أدركت أن الوعي بوجوده وخطورته وضرورة مقاومته واتباع الاحترازات الطبية والوقائية والتسارع في أخذ “اللقاح” لابد أن يكون منهجا متبعا وملازما في فكرنا حتى يغيب أفوله، ويتوارى عن الوجود.
– مع الأسف – هناك عقول ما زالت تعيش حالة اللاوعي بإنكار وجوده، وانكار عدم فاعلية اللقاح وخطورته على المدى البعيد إذن! من نصدق؟ هل الاطباء المتخصصين الذين يعملون كخلية نحل لمواجهته بالدراسات واللقاحات والعلاجات! أم تفاهات الآراء العقيمة التي اتخذت المنصات المجتمعية المتداولة سبيلا لاقناع عقلها، أم نصدق انفسنا حين نقع فريسة للوباء! أم الآخرين الذين اختلقوا العلم به دون علم ووعي وتخصص، وأصبحوا أطباء بين عشية وضحاها؟ ألا نرى اعداد الاصابات والأموات اليومية على مستوى العالم؟ ألا نرى الشلل الاقتصادي والتعليمي والمجتمعي الذي طغى على الحياة البشرية والدولية!.
وكيف سخرت الجيوش البشرية الطبية والوسائل الطبية لمقاومته كما هي الموارد المادية الباهظة التي تنفق لإنقاذ ما يمكن انقاذه من براثنه، تسارع لا يتوقف مع انتشاره وامتداده، ومنها دولة قطر التي مع بداية ظهوره في مدينة ووهان الصينية 12/ 2019 اتخذت الاجراءات الاحترازية الوقائية والتوعوية، وسخرت الامكانيات البشرية والمادية لمواجهة وباء مستجد ومتطور حير العالم، جهود مشكورة لمستها في مستشفى “حزم مبيريك” بدءاً بالمبنى المستحدث مع الجائحة وبأعلى المواصفات المكانية والطبية، لاستقبال الحالات الحرجة من “كورونا” وعلى مستوى العالم، وانتهاء بالطاقم الطبي المختص والاداري والتمريضي وعلى رأسهم رئيس وحدة العناية المركزة الذين يصلون النهار بالليل في المتابعة والاشراف والعناية لجميع المرضى من المواطنين والمقيمين على السواء، خلية نحل لا تتوقف، وعطاء لا ينضب، واحترافية مهنية دقيقة في علاج الحالات الحرجة يدفعهم ايمانهم بالرسالة السامية التي يحملونها لإنقاذ البشر، جنود بواسل تقف في الصفوف الأولى لمواجهة الجائحة يحق لهم الاستحقاق بالوقوف لهم اجلالاً واحتراماً، في مقدمة صفوف المسير، وصدق سمو الأمير، حفظه الله، حين قال في خطابه بمجلس الشوري 49: “إن جائحة كوفيد 19 وضعت الجميع أمام اختبارات وخيارات صعبة”، حقاً ما أصعبه من وباء، وما أصعبها من تجربة، وما أصعب من يقف في الصفوف الأولى لمواجهته!.
لذلك من خلال المقال ومن واقع تجربتي، وحرصًا على سلامة الجميع، وتعاونًا مع جهود الدولة يجب أن نكون على يقين بأن الجائحة تحاصرنا وفي كل مكان، وأن الالتزام بالاحترازات، وأخذ اللقاح والتخفيف من التجمعات والمناسبات الاجتماعية، وما تحتويه من تباعد ووضع الكمامة، دون مصافحة وعناق، باتت من الأمور الضرورية التي يجب التقيد بها حصانة ودرءا للقضاء على جائحة “كوفيد 19”.
حفظ الله الجميع…