اليوم، ستبدأ الخطوة الأولى لانتخابات مجلس الشورى في الدولة، استعدادا لخوض التجربة الانتخابية، خطوة أميرية جيدة لتسيير مبدأ عملية المشاركة الشعبية، ومظهر من مظاهر السيادة الشعبية، وتحقيق للمصلحة العامة في المشاركة المجتمعية في إبداء الرأي وصنع القرار، وصناعة المستقبل من أجل التنمية والازدهار، أليس هو القائل سبحانه في كتابه { وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ } لتآلف القلوب واجتماع الرأي السديد لما فيه المنفعة المجتمعية والانسانية.
اليوم، سيبدأ التسجيل للمواطنين في سجلات الناخبين، الكل يترقب ويأمل ويشارك، فالإجراءات للعملية الانتخابية قد مهدت بطريقة سلسة ودقيقة وتفصيلية، ليتمكن الناخبون من إدلاء أصواتهم في دائرتهم المحددة، وبطرق متعددة تمكن الجميع من المشاركة بكل يسر لإتمام الواجب الوطني لتسجيل أسمائهم لممارسة حقهم الدستوري والقانوني في انتخاب من يمثلهم في مجلس الشورى، وبصدور القانون رقم 6 لسنة 2021 الذي جاء مفسراً وشارحاً لتسهيل العملية الانتخابية تكتمل الأدوات التشريعية لانتخابات مجلس الشورى في أكتوبر القادم، وبذلك اتضحت الصورة بتفاصيلها للناخبين والمرشحين من حيث تحقيق النزاهة والحيادية وتوفير كافة الضمانات وتسهيل العملية الانتخابية وتقسيم الدوائر الانتخابية وأماكنها، والعقوبات والتزوير وغيرها، كما جاء في القانون.
إذن، نحن قادمون على مشروع مشاركة شعبية جديدة طالما كنا نطالب به ونحلم به، ونأمل تحقيقه تنفيذاً لأمر دستورنا القرآن الكريم، وأسوة بالدول التي سبقتنا، ليكون صوت الوطن والمواطن الذي يجب أن يدعمه منطق الحوار وحسن المجادلة، و يعزز مسيرته الوطنية الحقة، والمصداقية والشفافية والهدف العام، لسنا ملائكة حتى لا نخطئ، ولا نعيش في مجتمع مثالي، لكننا بحاجة إلى مصفاة دقيقة لتصفية الترسبات العالقة نتيجة الأخطاء والتجاوزات التي تعوق العملية التنموية والحضارية بكل مقوماتها البشرية والمادية والمجتمعية، وتنبش الغبار لتتضح الصور علنيا، ومحاسبة من أساء وشوه حقيقتها.
تجربة جديدة في مجتمعنا نتمنى لها النجاح في تحقيق الأهداف المجتمعية، سبقتنا دول عديدة في خوضها، دول شقيقة ودول عربية أخرى، لكنها مرت ببعض الاعوجاجات، عرقلت نجاحها وتسيير بعض أهدافها ومطالب ناخبيها، وأوقفت مشاريعها التنموية نتيجة ما يحدث من مد وجزر واحتقان وتأزم بين السلطتين التنفيذية والتشريعية. هل تكون لنا عبرة واستفادة من تجاربها.. تجربة كنا نحلم بخوض غمارها أصبحت الآن واقعاً سنتعايش معه، وسنرى بإذن الله نتائجه، والتي نأمل لها النجاج متى ما كان الهدف هو الوطن وابن الوطن، وليس شيئا آخر في نفس يعقوب، بما يتواكب مع تحقيق حق الحرية في الرأي التي هي من المتطلبات العصرية.
لذلك، وربما هو رأي الجميع، إن عملية الانتخابات والترشيح على السواء لابد أن تسير وفق أطر ومعايير ذاتية تنبع من مبدأ التفاني في خدمة الوطن، والمصداقية والنزاهة من أجل الوطن، والابتعاد عن القبلية والانتماء للعائلة والامتثال لقانون تضارب المصالح الذي صدر مؤخراً، وعدم التطلع إلى الحصول على الوجاهة والامتيازات المالية والاجتماعية التي تحول دون ممارسة المرشح لأداء مهامه في حالة انتخابه، كما أن على الناخب أن يختار المرشح الذي يعكس تطلعاته وهمومه داخل أروقة المجلس دون النظر إلى المركز الاجتماعي للمرشح أو الوظيفة التي يشغلها أو الوعود التي يقدمها المرشح خلال حملته الانتخابية غير القابلة للتطبيق. فالكفاءة والوعي والضمير المحاسب هم الدينامو المحرك لنجاح العملية الانتخابية.
نأمل أن تكون هذه الخطوة المباركة من القيادة الرشيدة في هذا الوقت مكملة للعملية التنموية التي يقودها سمو الأمير حفظه الله.