وعادت التربية … والعوْد أحمد

نبارك لوزيرة التربية والتعليم المنصب الوزاري التربوي التعليمي والثقة التي أولاها لها سمو الأمير حفظه الله، لحمل حقيبة الرسالة والأمانة التعليمية، وهي إن شاء الله أهل لهذا المنصب وتلك الثقة، نسأل الله لها التوفيق، وتهيئة البطانة الصالحة التي تعكس واقعنا التعليمي كما هو عليه بإيجابياته وسلبياته وهمومه ومعوقاته، بشموليته وتنوعه الحكومي والخاص والعالمي، دون تزييف ومجاملة بهدف وطني للإصلاح والتغيير، فالتعليم هو المحك الأساسي في عملية تطوير وتنمية المجتمع بجودة مخرجاته في جميع المجالات، والتربية مكملة للعملية التعليمية في التهيئة الخلقية والسلوكية من خلال المناهج والمعلم لخلق جو تعليمي متزن من الاستقرار والثبات لتسييره وتحقيق أهدافه، ما فائدة علم بلا أدب وخلق واحترام، إنها أمانة مثقلة تتطلب جهداً ودقة ومتابعة لتعود المياه إلى مجاريها بكل قوة وجودة كما هو المأمول، ولا يغيب ما وصل له التعليم في السنوات المسبقة من ضعف المخرجات التعليمية مع تطبيق المدارس المستقلة، وفصل التربية من مسماها، وإحلال اللغة الأجنبية كبديل للغة العربية الضائعة في متاهات العولمة، والتكنولوجيا المعتمدة في التعليم، وتغريب تعليمي بدل التوطين وشموليته، وضعف الأداء المهني للمعلم وغيرها.

…. ففي مقال سابق نشرته بعنوان “متى تسبق التربية التعليم؟” بجريدة الراية القطرية بتاريخ 6 فبراير 2012 في مضمونه آمال بعودة التربية إلى التعليم باعتبارها الميزان الصحي السليم لتقويم السلوك والأخلاق داخل الحرم التعليمي المدرسي، وخاصة مع المتغيرات المجتمعية التي عصفت برياحها تغيير الفكر الإنساني والخلق الإنساني والقيم الإنسانية، وانتشار التكنولوجيا وما تحمله من الغث والسمين نرى واقعها اليوم على سلوكيات وأخلاقيات شبابنا، وها هي سبقت التربية التعليم وعادت كما كانت عليه قبل تأسيس المجلس الأعلى للتعليم، فهل سنرى ملامحها خلف جداريات المدارس في العلاقات الخلقية والسلوكية السوية الموشحة بالتقدير والاحترام بين أطياف المجتمع المدرسي الطالب والمعلم والإدارة؟، وهل سيحظى المعلم بالتقدير الذي منحه الشاعر أحمد شوقي في قصيدته المشهورة المعلم:

قم للمعلم وفه التبجيلا ……. كاد المعلم أن يكون رسولا

…. إذن ! أمام مرأى وزيرة التربية والتعليم حقيبة تعليمية مثقلة بملفاتها لا يدرك كنهها وخباياها ويستشعرها إلا المتعاملون مع التعليم، تتطلب وضع آلية جديدة ومتغايرة للوصول للأهداف التعليمية بجودة عالية، وبما أن التربية عادت للتعليم إذن فالقيم السلوكية والأخلاقية هما المحوران الأهم في ترسيخ قاعدتهما بين الطلبة من خلال المناهج الإسلامية، والمعلم القدوة، واللائحة السلوكية العقابية، التي يجب أن تأخذ سيرها وتطبيق بنودها من أجل تكوين شخصية سوية متعلمة متزنة ووضع حدّ لبعض الظواهر الدخيلة التي يمارسها بعض الطلبة كالتنمر والإعجاب والاعتداء بالضرب وتبادل السويكة والتدخين وضرورة تسليط الضوء عليها بالتعاون مع أولياء الأمور والمؤسسات المختصة للحد منها.

كما أن التغريب التعليمي المهني امتدت أذرعه باختلاف الجنسيات والثقافات واللغات والأفكار، تتطلب المتابعة الدقيقة لمعرفة أسباب عزوف المواطنة عن مهنة التعليم والتسرب منه لتقطير التعليم كما كان عليه سابقاً، هل من أسبابها كثرة الملفات المهنية الروتينية التي أثقلت بإجراءاتها عاتق المعلم والتي لاتسمن ولا تغني من جوع تستنزف الوقت والجهد والمال على حساب جودة الأداء المهني؟، أم نتيجة بعض الإدارات الطاردة بسلوكها وتعاملها وقوانينها التي لا تدرك فنية التعامل الإداري، والتي تتطلب دورات وتأهيل في فن القيادة؟، أم نتيجة إطالة الدوام المدرسي؟، كما أن مناهج اللغة العربية لمسها الضآلة والتهميش والضعف، وضرورة تقوية وتأسيس كيانها اللغوي كتابة وخطاً ولفظاً بأبجديات حروفها من المراحل العمرية الأولى، ونظمها ونحوها وبيانها وبلاغتها في المراحل الأخرى، التي فقدت بريقها وقوتها كلغة رسمية مستمدة من القرآن الكريم، ضاع المتعلمون ما بين التأتأة والانحراف والأعجمية في اللفظ والنطق للحروف العربية تحتاج إلى آلية متغايرةً لاسترجاع هيبتها وقوتها وحفاظاً على الهوية الثقافية العربية.

وهناك مافيا الدروس الخصوصية اتخذت موقعها بمساحات كبيرة بين الطلبة وتلك طامة أخرى يشوب التعليم خلالها أهمل المعلمون جودة الأداء التعليمي الصفي وانشغلوا بالاتجار بالدروس الخصوصية لتكون معولاً للهدم وليس البناء، هدفها الربح التجاري والمزايدة التجارية تتطلب تشديداً ومراقبة ومعاقبة بقوانين رادعة.

وهناك الكثير من المنغصات والخلل والمعوقات لا تغيب عن المسؤولين عن التعليم يعززها جميعا ضعف المخرجات التعليمية وشكاوى أولياء الأمور، والتي نأمل مع الوزارة الجديدة وعودة التربية إلى نطاقها التعليمي أن تأخذ موقعها في ملفات التعليم، إذا كانت هناك آليات تنظيمية، وهيكلة جديدة، للوصول للجودة التعليمية بما يتناسب مع حجم ما تصرفه الدولة على التعليم.

عن Aisha Alobaidan

شاهد أيضاً

وزيرة التعليم.. ومبادرة تستحق الإشادة

يقال أول الغيث قطرة، ونحن نستبشر بقطرات خير من خلال تصريح سعادة وزيرة التربية والتعليم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *