لا شك أن الدولة سَخَّرت الإمكانيات المالية العالية لبناء مستشفيات ومراكز وعيادات صحية بمختلف التخصصات بجودة عالية وها نحن.. اليوم نراها أمامنا، ونتعامل معها، مباني ضخمة ما إن تدخلها تشعر كأنك في أحد فنادق خمس نجوم من حيث التنظيم والديكورات والنظافة والجودة والحدائق الداخلية للمرضى ووفرة الأماكن الخدماتية وغيرها، لا يختلف عليها اثنان، ولا يمكن إنكار جودتها.. تبهر أنظار الزائرين، وتبعث الراحة في نفوس المرضى، بتوفير كل المتطلبات لخدمته. ولكن الكمال لا يتم إذا كانت هناك ثغرة هامة مفقودة يجب أن توضع في أجندة المسؤولين وصناع القرار في وزارة الصحة من الاهتمام لإغلاقها، لتتوازى الجودة ما بين ضخامة المشاريع الطبية بحدائقها الخارجية والداخلية، وما بين الخدمات العلاجية والطبية، هذا ما لمسته حين دخلت طوارئ مستشفى حمد العام لوعكة صحية مفاجئة للعلاج، الذي توقعت سيكون العلاج سريعاً وفق الحالة وألمها، ويكون الطبيب المناوب مستعدا لأي حالة خاصة المستعجلة، لكن استغربت حين استفسرت عن وجود الطبيب ومدى تأخره لساعات طوال تبينت أنه طبيب واحد عام لجميع المرضى، ولمختلف الحالات، لتتساوى الحالات المستعجلة مع الحالات البسيطة في انتظار الدور، أيعقل ذلك يا مسؤولي المؤسسة !!، هل يمكن أن يؤدي طبيب واحد فقط دوره بدقة وتأنٍّ في وجود عدد كبير من الحالات المرضية المفاجئة؟! وهل ينبغي للمريض تحمُّل الألم الشديد حتى يصل دوره؟!! ماذا إذا كان حالات جماعية لا قدر الله نتيجة حوادث مفاجئة؟! وتسمم أو حريق؟!! فالأجواء اليوم بدخول فترة الشتاء تزيد الحالات المرضية بالإنفلونزا الموسمية بتفاوت شدتها، تتطلب النظر في زيادة عدد الأطباء المناوبين في مركز الطوارئ، بالرغم من السرعة في تنفيذ الإجراءات التي تسبق حضور الطبيب للبت في العلاج، وبالرغم من الجودة في وفرة الأجهزة التقنية والغرف الاستيعابية بكافة خدماتها، إلا أن الثغرة هي عدم وفرة الأطباء لشمولية المرضى وتسريع العلاج خاصة المستعصية والحرجة يحتاج إلى حل واهتمام من الجهات المعنية، سواء من وزيرة الصحة العامة للنظر في هذا الأمر، أم من المسؤولين عن جدولة تعيين دوام الأطباء للطوارئ. وقد لمست في الواقع كيف أدى تأخير الطبيب لبعض الحالات الشديدة إلى مجادلة ونقاش حاد بين المرضى وطاقم الممرضات الذين لا ذنب لهم في تأخر الطبيب المناوب على المريض لشموليته بعلاج المرضى جميعًا، إذن !! هناك معضلة يجب النظر إليها، الطبيب الواحد بالعقل لا يمكن أن يستوعب عدد المرضى المتواجدين إذا زاد الحد على طاقة الطبيب،، ولا أعتقد أن مؤسسة حمد تخلو من الأطباء المتخصصين أو العام للدوام أو الاستنفار وقت الضرورة والحاجة في الطوارئ، كما أن تصنيف المرضى حسب نوع المرض وحدته، وأولويته في العلاج يجب أن يكون أمام رؤية الطبيب، نحن اليوم بصدد تزايد عدد السكان، وكثرة المغتربين الأجانب والمقيمين والزائرين في الدولة، وقريبا من موعد 2022، وما يمكن توقعه من أمراض وحوادث مفاجئة وستصب جميعها في هذا المبنى تتطلب تزايد عدد الأطباء المناوبين. في الطوارئ، ربما تؤدي قلتهم أو الاكتفاء بطبيب واحد إلى وقوع أخطاء طبية مع كثرة تزايد الحالات.
إن طول الانتظار في طوارئ حمد أزمة يشتكي ويعاني منها الكثير، وربما تسوء بعض الحالات بسبب التأخير، وليس هناك حل للأزمة المتكررة إلا بالاهتمام الدقيق بتعيين وزيادة عدد الكوادر الطبية المهيأة وبكفاءات عالية مؤهلة للعمل في الطوارئ، يتناسب مع حجم التوسعة الإنشائية، والأجهزة الطبية المستحدثة، ودعمهم بالحوافز والامتيازات، التي يكون لها الأثر في الاستقطاب والعمل في الطوارئ، فالدول المتقدمة تولي اهتماما بأطباء الطوارئ لما يتعرضون له من معالجة مرضى في حالات حرجة، وضغوط في العمل، فمتى يدرك المسؤولون مدى حجم تلك الأزمة؟؟