حالة إنسانية مؤلمة أشغلت الرأي العام أصبحت حديث التواصل الاجتماعي، ليس لأنها الحالة الفريدة، هناك الأسوأ منها وهناك الأمرّ، وهناك الأكثر ألماً، وهناك في غياهب المجهول، من هم ؟! أين كانوا ؟! من المسؤول؟! أسئلة يفسرها ما وصل إليه أطفال العالم الإسلامي من شتات وذل وهجرة وانكسار فصل الشتاء بمواصفاته الشديدة. وقساوة أجوائه، ثلوج ورياح وأمطار وسيول جارفة ووحول ومستنقعات طينية، يجدد كل عام جديد معاناة الآلاف من الأطفال، “شهد” الطفلة السورية البريئة من مخيمات النازحين في إدلب بسوريا بعفويتها وابتسامتها، وارتجاف جسدها من شدة البرد، تحلم بخيمة، تجاوزت الحلم الطفولي لأطفال اليوم فيما تأمله، وتحلم بخيمة مع إشراقة عام جديد، لتنعم بالاستقرار والأمان، والراحة والطمأنينة، وهدوء الجسد، أين تجدها في تلك الخيمة تؤويها هي وأخواتها، مأساة طفولية قاسية كغيرها نشاهدها نتعاطف معها نستنكرها، ثم ماذا بعد؟!! أمنية بسيطة ببراءة طفولية، أشعلت الرأي العام، لا تعجز عن توفيرها المنظمات الإنسانية والجمعيات الخيرية والدول والأفراد، لها ولأمثالها من النازحين المشردين، ولكن إلى متى ؟!! وكل عام والمآسي الإنسانية تتسع دائرتها لا يوققها مؤتمرات واهية، ولا استنكارات مؤقتة ولا وعود كاذبة، طالما أن هناك طغاة يحكمون البشر، ويتحكمون في مصائرهم، ويعبثون بمقدراتهم.
“شهد” صاحبة الأمنية الاستثنائية ضحية من ضحايا الطغاة العابثين، في سوريا، لا يختلف عنها أطفال اليمن والعراق جميعهم نفثتهم رياح الظلم والجور، وأتون الحروب لتلقي بأجسادها في مخيمات بمعزل عن العالم الغربي والعربي الذي يتبجح ويتغنى بحقوق الإنسان، وأولها حقه في الاستقرار والأمان، كم هو مؤلم، “شهد” لا ترى ولا تستشعر احتفاليات العالم باستقبال العام الميلادي 2022، تهانٍ وتبريكات، ألعاب نارية صخب ورقص ومسكرات وأغانٍ وسهرات و…… إنما تستشعر لسعات صاعقة جليدية قاسية تتغلل داخل ثغرات جسدها، تتألم ترتجف تتوسل، تخفي دموعها وآهاتها باستحياء وراء ابتسامة بريئة لتمسح الألم بأمنية متواضعة “خيمة”، يا لها من أمنية متواضعة تنسف بقيمتها ما يعبث به أطفال العالم المرفهين بألعاب وإلكترونيات وملابس بأثمان زهيدة، لترمى في سلال المهملات دون الاستشعار بقيمتها وأسعارها، وما يعاني منه أطفال الحروب والكوارث من جوع وجفاف وحرمان،،
…. اليوم العالم يحتفل بوداع عام 2021، ليلقي بظلاله المؤلمة وما خلفته الأوبئة والحروب والكوارث من دمار للإنسانية جمعاء، ليستقبل عامًا جديدًا 2022 بأمنيات جديدة لا تخلو من مستقبل آمن ومشرق ومزدهر، وأحلام عريضة لا تتعدى النجاة والسكينة من ثقل الحياة وهمومها وأمراضها،، فهل سيمضي العام الجديد كالذي سبقه ؟!! أم سيكون عامًا جديدًا بثوب جديد مشرق نحقق فيه ما لم نستطع تحقيقه في العام المنصرم،، وهل ستكون الطفلة السورية “شهد” صاحبة الأمنية الاستثنائية نقطة البداية لصحوة الضمائر العربية النائمة من سباتها، للاستشعار بالملايين من أمثالها شردتهم أنظمتهم الجائرة من بيوتهم وقضت على أحلامهم، ليكونوا فريسة للجوع والفقر والجهل والمرض؟ أم ستنتظر قافلة الأطفال الذين سيلحقون بركبها هذا العام الجديد، مع تفاقم قوى الأنظمة الجائرة بظلمها وتحقيق مصالحها التي تتحكم في مصائرها، ويكونوا ضريبة لحروب عبثية في أوطانهم.. جعله الله عاما رحمة وإشراقة وخير للجميع.