ليس هناك أجمل من أن يقتنع الإنسان بما قدره الله إليه من جمال وصحة، والأجمل الرضا وعدم تجاوز الطبيعة الإلهية، خاصة في ما يتعلق بالشكل الظاهري له، هذا المفهوم بالقناعة الذاتية تضاءل مع المستجدات العصرية، والمغريات الهادفة للربح والتجارة، خاصة في عالم التجميل والتغيير للشكل الظاهري للإنسان الوجه بكامله، والجسد بنوعه، هوس أصاب البشر من الجنسين وبمختلف الأعمار مع توفير الإمكانيات المالية، وسطحية التفكير بالأضرار اللاحقة التي تؤدي إلى التشويه والأمراض، تذكرنا بقوله: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ)، كنا ندرك ونؤمن أن اللجوء للتجميل وفق تشوهات خِلقية ولدت مع الإنسان، أو نتيجة حادث ما، ولكننا لا ندرك كيف يبحث الإنسان عن ما يشوه جماله الطبيعي الرّباني بفكره ويديه دون التفكير في العواقب اللاحقة.. عجبا ما نرى !!
سيل من الإعلانات لمراكز التجميل لا تتوقف وتيرتها عبر الرسائل النصية، ووسائل التواصل الاجتماعي صباحا ومساء، وفي سباق ماراثوني، بمسميات مختلفة، وجنسيات عاملة إدارية وفنية مختلفة الأوطان والتوجهات، بهدف مادّي ربحي، وبأحدث الصرخات والإغراءات الإعلانية المستحدثة حتى بتنا نستنكر تزايد المراكز التجميلية في الدولة وبهذا الحجم، وانتشارها في مختلف المناطق، كما نستغرب استسهال استخراج التراخيص من قبل الراغبين في إقامة مثل هذه المراكز دون تقنين والحاجة، بالرغم من أضرار البعض منها خاصة المتعلقة بالمراكز والعيادات الخاصة بالتخسيس والتنحيف، وانعدام العقوبات في الأخطاء الطبية الضارة التي تلحق بالمتعاملين معها، كما هي خطورة المواد المستخدمة في عملية الشد والنفخ للشفاه والوجه.
لقد أصبح التجميل والتخسيس ثقافة الكثير من الجنسين، أكثر من ثقافة الكتب والمعارف، هذا يشهر عضلاته الإعلانية في طريقة نحت الجسد، وآخر في شد الوجه، والآخر في نفخ الشفاه، وهذا يعرض طريقة التخسيس بالتكميم والقص والتحوير، وذاك باستخدام الأدوية والأعشاب والمواد الكيماوية الأخرى وغيرها في منصات لا تتوقف، وحملات جارية يحمل شعارها المختصون في السوشيال ميديا عبر وسائل التواصل بأنواعها، مرفقة بصور وفيديوهات من أجل جذب فئات عمرية معينة، بعضها بوجوه مغايرة مشمئزة لعبت بها مشرط التجميل، للترويج التجاري للمركز، وتعرّت ملامحها عن الجمال الطبيعي الإلهي، وعبر شركات إعلانية متخصصة في التشهير والإعلان والدعاية، أو عبر مانشيتات الصحف، حتى بات هوس التغيير للوجه والجسد هدف الكثير ومطمح الكثير، اختفت معها الملامح الجمالية، التي تميز إنسانا عن آخر، وأصبح التمييز بين الوجوه المتشابهة في القالب الواحد صعبا، أنوف واحدة، وشفاه ممتدة واحدة، وأجساد واحدة منحوتة مستقيمة جامدة كخشب مسندة تفقد أنوثتها.
تقليد أعمى يتوجه إليه الصغار لتغيير الملامح والأجساد وتغيير خلق الله بلا وعي، والكبار لإخفاء تعاريج الزمن الذي يمتد لنواحي الجسد، في الوقت الذي نرى التشهير بأعياد الميلاد لمن تجاوز الأربعين خلال المنصات الإعلامية بالعمر الزمني علنًا، إنه تناقض الفكر، واستخاف بالعقل، وأوراق نقدية متوفرة، والجهل بالنتائج والأضرار مستقبلا. جميعا تؤدي إلى المسخ والتلاعب بالطبيعة الإلهية وتشويهها، دون إدراك العواقب الإلهية التي ستلحق بمن يريد تغيير خلق الله واتباع الشيطان، ومع تزايد هذا الهوس، وتزايد المراكز التي تدعو إليها، نأمل من الجهات في الدولة التقنين في عملية إصدار التراخيص خاصة إذا أخذنا في الاعتبار حجم السوق القطري المحدود، والأضرار الناجمة عن بعض المراكز في المواد المستخدمة غير الصحية، خاصة أن هناك حالات ما زالت تعاني من أضرار عمليات التجميل والتخسيس مرضية ونفسية وتخضع للعلاج.