حين قال تعالى سبحانه في كتابه الكريم ” وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ” تأكيداً لأهمية القوة في مواجهة أعداء الله ورسوله، اليوم القوة بدأت بوادرها، وفرضت نفسها، وسحقت معها كل المعاهدات والاجتماعات العربية الرنانة، اليوم أهل غزة من المرابطين بعد صبر طال أكثر من ستين عاما من الأسر والهدم والقتل والذل والهوان، فعّلوا ما أمر الله به، وما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبته ألا أن القوة الرمي، كررّها تلاث مرات. اليوم غزة تحترق بلهيب العدو قاتلهم الله من يطفئ لهيبها؟! الذي اسكب دموع الأطفال، وأدمى قلوب الأمهات، وغرس سهام الموت بين ردهاتها وأزقتها، دماء وأشلاء وجثث متناثرة، دبابات وبوارج وصواريخ صهيونية تشهر أبواقها، تلتقط ما حولها من أرواح بعشوائية وهمجية، قنابل غازية تنفث سمومها، شظايا متطايرة، صراخ ودموع وعويل، مشاهد دامية نراها عبر الفضائيات، تؤلمنا تقهرنا نندّد، ندعو، نستنكر، ننظّم شعراً، ونتغنى لحناً، نردّد القدس لنا، وأحبك يا قدس، يا زهرة المدائن، اجتماعات طارئة مظاهرات سلمية، شعارات رنانة كفقاعات الهواء، إنها سيناريوهات متكررة منذ عقود ألفناها، تنتهي بانتهاء الحدث، ثم تعود مع كل اعتداء صهيوني إسرائيلي على قطاع غزة، وعلى مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم. لنمارس ما تعودنا عليه في نهجنا العربي الاسلامي من باب المساهمة والمؤازرة في التخفيف، والتأكيد على عروبة القدس. اليوم غزة تحترق تنادي تستنجد، من ينقذها ومن يسمع أنينها؟!، ها هم أبناء غزة الشرفاء في مواجهة الصهاينة، وها هم المتصهينون العرب يقفون إلى جانب المعتدي ضد الشعب الأعزل الذي يدافع عن حقه بصدور عارية وهمّة عالية، وإيمان راسخ بعدالة قضيته القدس التي تقهقرت في الأجندة العربية لصالح قضايا هامشية انشغل بها العرب، اليوم أطفالها العزل يقفون بكل ثبات في وجه العدو بلا وجل ولاخوف ونسوتها يقدمن الشهداء بكل فخر، وشبابها العزل يتسارعون في الدفاع حاملين القدس في أرواحهم وفكرهم. مجازر تشهدها غزة أرض الأبطال جواً وبراً، وحرائق تشتعل، ومبانٍ تهدم على أصحابها، يعبر الفتى محمد 16 عاما عن مدى الخوف والصدمة قائلًا: ” شاهدت فيلم رعب حقيقيا، القصف مجنون مثل ألعاب الفيديو الإلكترونية “.
وفي وسط ما يحدث أين الحكومات العربية والاسلامية؟ !! أين مجلس الأمن؟!! أين الجامعة العربية؟! صمت عربي مؤلم، وارهاب اسرائيلي قذر، وجرائم اسرائيلية حارقة، ابتليت الشعوب العربية – مع الأسف- بقادة متصهينين يقاتلون بعضهم البعض، ويسترضون الكيان الصهيوني، ويدغدغون مشاعرهم بعملية السلام الزائفة، وبالتغني على القدس، وحمل شعار القدس لنا، كيف؟ !! وطرق التطبيع مع الكيان الصهيوني أصبحت سالكة ممتدة، ومحاور اللقاءات الاقتصادية والرياضية أصبحت هي المهيمنة، على أهمية قضية القدس الشريف وتحريره من براثن الصهاينة، نستشعر بخجل وألم وحرج صُمّت آذاننا عن استنجاد امرأة وصراخ طفل وطفلة ينتزعهما العدو من حضن والديهما، ألا تؤلمنا تلك الطفلة التي تركض وراء والدها المكبل بالقيود الإسرائيلية لتلحق به وتمنعهم من أخذه، ألا يبكينا منظر آخر تبكي تسأل والدها عن لعبتها البيضاء وهو بين الأيادي الإسرائيلية، عميت أبصارنا عن رؤية دماء وجثامين متناثرة،، لكننا الآن نحن أمام قوة واقعية استنفرها أهل غزة، بعد الاستشعار باليأس من الأنظمة العربية الخانعة المتواطئة، جعلت الصهاينة يهرعون إلى الملاجئ فرارا من صواريخ القسام، ومن الثبات والارادة والعزيمة الفلسطينية في المواجهة المباشرة التي تسير ثوابتها المنهج الايماني الذي ذكر في القرآن الكريم بأن القوة هي المواجهة مع العدو.. ففي مقالة بعنوان: إسرائيل تلفظ أنفاسها الأخيرة “يقول الكاتب الصهيوني ” آري شبيت ” يبدو أننا نواجه أصعب شعب عرفه التاريخ، ولا حل معهم سوى الاعتراف بحقوقهم، وإنهاء الاحتلال، وأكد أن الإسرائيليين منذ جاءوا إلى فلسطين يدركون بأنهم حصيلة كذبة ابتدعتها الحركة الصهيونية ” ها هي الجزيرة تنقل للعالم مباشرة الممارسات الصهيونية الإرهابية من موقع الحدث، وبمهنية دقيقة للقصف الصهيوني الإرهابي في غزة، ليطلع العالم على السلوكيات القذرة التي يمارسها الكيان الصهيوني داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، أليس هم من لعنهم الله في كتابه حين وصفوا الخالق بما لا يليق به – كما قال تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾ نسأل الله تعالى أن يبسط قوته بتدمير الصهاينة في عقر دارهم ويهزم جمعهم، وينزل مدده ونصره من السماء على أهل غزة، ويوحد صفوفهم يارب.