القدس وفلسطين وتخاذل المتآمرين

إنها قضية مركزية بهويتها الدينية والعربية والإسلامية، هي قضية وجود لا حدود لها، وقضية أزلية ستبقى هي المحور الأهم في أجندة الشعوب، في الدفاع عنها وعن المسجد الأقصى مسرى النبي صلى الله عليه وسلم، تنصهر كل المكونات الحزبية والفكرية والعقائدية، لذلك استنفرت الاعتداءات والمجازر الصهيونية في الأراضي المحتلة وفي القدس الشريف الشعوب على المستويين العربي والإسلامي بالرفض والغضب، وهي ترى بعينيها المجازر الصهيونية اليهودية البشعة والقذرة بلا إحساس ولا ضمير، تقتل من يعترضها بالدفاع عن أرضه وبيته وأهله، بالقتل والهدم والحرق والدعس لا يهم، أطفال ورضع، نساء وشيوخ، المهم تحقق أهدافها بشظايا الصواريخ الحارقة والدبابات القاتلة من الدول الحليفة في المواجهة والحرب، لكنهم اليهود الذين ذكروا في كتاب الله الكريم، أشد عداوة وضراوة وحرباً على المسلمين، وتطاولاً على الله، ديدنهم الغدر والخيانة، ونقض العهود والمواثيق، ماذا ينتظر منهم؟.

هل السلام الذي طالما تغنى به العرب على صفيح ساخن من المجازر الصهيونية، أم الاجتماعات والمؤتمرات الخاوية على عروشها؟! أم الفرار والإخلاء من الأراضي المحتلة ووقف سير المستوطنات، أم الاعتراف بالقدس عاصمة فلسطين ومسرى المسلمين، وتقديمها للفلسطينيين والعرب على طبق من ذهب، بلا حرب ولا هوادة أم ماذا؟!.

…. حينما بدأت الشرارة الأولى وانطلقت المواجهة بين إسرائيل والفلسطينيين من حي الشيخ جراح، بعد إغلاق المنافذ المؤدية للحيّ، وإطلاق الرصاص لتخويف أهلها، والإعلان عن تحويلها إلى منطقة عسكرية، بدأت الاشتباكات والمقاومة الفلسطينية ضد اليهود تأخذ سبيلها لتمتد إلى حرائق متواصلة في ساحات المسجد الأقصى، فأصيب العشرات، واعتقل الكثير، هذه المواجهات ليست جديدة، بدأت مع دخول الاحتلال الصهيوني إلى الأراضي الفلسطينية عام 1948، ومعها بدأت الممارسات والمجازر الصهيونية تأخذ سبيلها بدم بارد، والانتفاضة الشعبية الفلسطينية هي الدرع الواقي لتلك المواجهات والرفض، والحجارة الصغيرة هي الأسهم الطاردة لتخويف العدو مقابل الغازات السامة الخانقة، والدبابات المصوبة القاتلة،، ولكن كما يقال للصبر حدود، وللمؤتمرات والاستنكارات حدود، ولغياب الإحساس العربي حدود، لتبدأ القوة هي سيدة الموقف والحكم الفاصل في المواجهة.

حقاً لم تتوقع إسرائيل اليوم تلك القوة التي حققها هذا الزخم الصاروخي الموجه إلى تل أبيب من رجال المقاومة في غزة، التي قلب لها موازين القوة، كما غيرت منهجية الصيغة التي تمارسها الصهيونية منذ أمد بعيد بأنها الحمل البريء المعتدى عليه، وأحقيتها في الأرض الفلسطينية وضرورة استردادها، بما ألحقته من مجازر دموية في حق الأبرياء، ناهيك عن الخسائر البشرية والاقتصادية والبنى التحتية.

وكانت تعتقد حين اقتحامها باحات المسجد الأقصى وإشعال الحرائق أن المواجهة ستكون بالحجارة الصغيرة التي تحملها الطفولة البريئة محاكاة لواقع مرئي من النضال والدفاع في مواجهة العدو في الداخل والتنديد في الخارج التي ألفناها منذ أكثر من سبعين عاماً من الاحتلال والمواجهة، ألا نتذكر الطفل “فارس عودة” الذي أطلق عليه ياسر عرفات “الجنرال” حين وقف أمام دبابة إسرائيلية يرشقها بالحجارة الصغيرة، الآن هذه القوة المتفجرة بصواريخ المقاومة وكثافتها واستمرارها ألحقت الهزيمة بالعدو، وكشفت الضعف والجبن الصهيوني، وأكدت أنها هي العبور للقدس وتخليصه من براثن العدو الإسرائيلي، وهذا ما أكد عليه رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو “بأن انتصار حماس هزيمة لجيش الاحتلال والغرب العنصري “، نعم إنه انتصار حين دكت المقاومة أنابيب النفط في عسقلان وإيلات، وأغلق حقل الغاز في “تامار” وتوقفت رحلاتها، وخسرت بورصتها، وهدمت بناها التحتية، ولكن الإرهاب الإسرائيلي المدعم من الدول المتحالفة والدول العربية المتصهينة لم ينته، ولم تقطع أوصاله ما دامت إسرائيل قائمة في الأراضي المحتلة تجول وتصول، وتتغذى بأرواح ودماء أبناء فلسطين، وما دامت السجون الإسرائيلية والمعتقلات زاخرة بالأسرى من المظلومين الذين يدافعون عن أرضهم، ماذا عنهم؟.

فقد لقنت المقاومة إسرائيل درساً قوياً لم تتوقف مسيرته ما دام الاحتلال قائماً وجوده، كما أكدت فشل عمليات التطبيع المهيمن على بعض الدول العربية، وستبقى القدس عربية، وستبقى على الصهاينة عصية حتى يأتي أمر الله.

عن Aisha Alobaidan

شاهد أيضاً

وزيرة التعليم.. ومبادرة تستحق الإشادة

يقال أول الغيث قطرة، ونحن نستبشر بقطرات خير من خلال تصريح سعادة وزيرة التربية والتعليم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *